مرَّ، وأما مسيلِمةَ فكان ادَّعى النبوَّة في حياته ﷺ، لكن لم تعظُم شوكتُه، ولم تقع محاربتُه إلَّا في زمن الصديق، فإمَّا أن يُحمل ذلك على التغليب، أو أنَّ المرادَ بقوله:«بعدي» أي: بعد نُبُوَّتي (فَكَانَ أَحَدُهُمَا العَنْسِيَّ) بفتح العين المهملة وسكون النون وكسر السين المهملة، من بني عَنْسٍ، وهو الأسود، واسمه: عَبْهلةُ -بعين مهملة مفتوحة فموحدة ساكنة- ابن كعب، ويقال له: ذو الخمار بالخاء المعجمة، لأنَّه كان يُخَمِّرُ وجهَه (وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ) بكسر اللَّام مصغرًا، ابن ثُمامة -بضمِّ المثلَّثة- ابن كبير -بموحدة- ابن حبيب بن الحارث، من بني حنيفةَ (الكَذَّابَ صَاحِبَ اليَمَامَةِ) بتخفيف الميمين، مدينةٌ باليمن على أربع مراحلَ مِن مكَّةَ، قال في «المفهم»: مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا: أنَّ أهل صنعاءَ وأهلَ اليمامة كانوا أسلموا وكانوا (١) كالساعدين للإسلام، فلمَّا ظهر فيهما الكذابان وتبهرجا على أهلهما بزخرف أقوالهما ودعواهما الباطلة انخدع أكثرُهم بذلك، فكأنَّ اليدان بمنزلة البلدين، والسواران بمنزلة الكذَّابين، وكونُهما مِن ذهبٍ إشارةٌ إلى ما زخرفاه، والزخرفُ مِن أسماء الذهب.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «المغازي»[خ¦٤٣٧٨]، ومسلمٌ والترمذيُّ والنَّسائيُّ في «الرؤيا».