للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦٩٣ - وبه قال: (حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى) بن صفوان الكوفيُّ سكن مكَّة قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر، أنَّه قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُرَّةَ) بضم الميم وتشديد الراء، الخارفيُّ -بالخاء المعجمة والراء والفاء- الهَمْدانيُّ -بسكون الميم- الكوفيُّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) ، أنَّه قال: (نَهَى النَّبِيُّ عَنِ النَّذْرِ) أي: عن عقدِ النَّذر (وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا) تعليلٌ للنَّهي، وصرَّح في هذا الحديثِ بالنَّهي بخلاف السَّابق، وهل النَّهي للتَّحريم على الأصلِ أو لا؟ فمنهم من تأوَّله على الكراهةِ؛ لأنَّه لو كان المراد منه (١) التَّحريم لبطلَ حُكمه، وسقط لزومُ الوفاء به؛ لأنَّه بالنَّهي للتَّحريم يصيرُ معصيةً ولا (٢) يلزم، وأيضًا فلو كان كذلك ما أمرَ الله أن يُوفى به، ولا حمِدَ به فاعلهُ لكنَّه ورد النَّهي عنه تعظيمًا لشأنهِ؛ لئلَّا يُستهان به فيفرَّط في الوفاءِ به، وحملَه القرطبيُّ على التَّحريم في حقِّ من يخافُ عليه أن يعتقدَ أنَّ النَّذر يُوجب ذلك الغرض، أو أنَّ الله تعالى يفعلُه لذلك. قال: والأوَّل: يقاربُ الكُفْر، والثَّاني: خطأٌ صُرَاح (٣)، وأمَّا من لا يعتقدُ ذلك فهو محمولٌ على التَّنزيه فيكون مكروهًا وهو ما نصَّ عليه الشَّافعيُّ، لكن قال القاضِي حسين والمتوَلِّي والغزاليُّ والرَّافعيُّ: إنَّه قُربة لقولهِ تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ﴾ [البقرة: ٢٧٠] الآيةَ، ولأنَّه وسيلةٌ إلى القُرْبة فيكون قُرْبة.

قال في «الفتح»: وذهب أكثر الشَّافعيَّة ونقله أبو عليٍّ السِّنْجِيُّ عن نصِّ الشَّافعيِّ إلى أنَّه مكروه؛ لثبوت النَّهي عنه، وكذا نقلَ عن المالكيَّة، وجزمَ به عنهم ابنُ دقيق العيد، وأشارَ ابنُ العربي إلى الخلاف عنهم، والجزم عن الشَّافعيَّة بالكراهةِ، قال: واحتجُّوا بأنَّه ليس طاعةً محضةً؛ لأنَّه لم يُقصدْ به خالص القُرْبة، وإنَّما قصدَ أن ينفعَ نفسه أو يدفعَ عنها ضررًا بما التزمَ، وجزمَ الحنابلةُ بالكراهةِ وعندَهم روايةٌ في أنَّها كراهةُ تحريمٍ، وتوقَّف بعضهم في صِحَّتها. انتهى.

والَّذي رأيتُه في «شرح مختصر الشَّيخ خليل» للشَّيخ بَهْرام المالكي: إنَّ النَّذر المطلق -وهو الَّذي يوجبُه الإنسانُ على نفسهِ ابتداءً شكرًا لله تعالى (٤) - مندوبٌ، قال ابنُ رشد: وهو


(١) في (ب) و (س): «به».
(٢) في (د): «فلا».
(٣) في (د): «صريح».
(٤) في (د) و (ع) و (ص) زيادة: «أنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>