للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخير، والقدرةُ صفةٌ واحدة، والتَّعلُّق غير متناهٍ، فحصره في مئة على سبيل التَّمثيل تسهيلًا للفَهم، وتقليلًا لِمَا عندنا، وتكثيرًا لِمَا عنده ، وهل المراد بالمئة التَّكثير والمبالغة أو الحقيقة، فيحتملُ أن تكون (١) مناسبةً لعَدَدِ دَرَجِ الجنَّة، والجنَّة هي محلُّ الرَّحمة فكانت كلُّ رحمةٍ بإزاء درجةٍ، وقد ثبت أنَّه لا يدخل أحدٌ الجنَّة إلَّا برحمةِ الله، فمن نالته منها رحمةٌ واحدةٌ كان أدنى (٢) أهل الجنَّةِ منزلةً، وأعلاهم من حصلتْ له جميعُ الأنواع من الرَّحمة (فَأَمْسَكَ) تعالى (عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا) ولمسلمٍ من رواية عطاء، عن أبي هريرة: «وأخَّر عندهُ تسعةً وتسعين رحمةً» (وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا) القياس وأنزلَ إلى الأرض، لكنَّ حروف الجرِّ يقوم بعضُها مقامَ بعضٍ، أو فيه تضمين فعل، والغرضُ منه المبالغة؛ يعني أنزل رحمةً واحدةً منتشرةً في جميع الأرض، وفي رواية عطاء: «أنزلَ منها رحمةً واحدةً بين الجنَّ والإنسِ والبهائم» (فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ تَتَرَاحَمُ (٣) الخَلْقُ) بالراء والحاء المهملة (حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا) هو كالظِّلف للشَّاة (عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) أي: خشيةَ الإصابة، وفي رواية عطاء: «فيها يتعاطفونَ، وبها يتراحمونَ، وبها يعطفُ الوحشُ على ولدِهِ»، وفي حديث سلمان: «فبها (٤) تعطفُ الوالدةُ على ولدِها، والوحشُ والطَّير بعضها على بعضٍ»، وزاد أنَّه يكمِّلها يوم القيامة مئة رحمة بالرَّحمة الَّتي في الدُّنيا.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ.

(٢٠) (بابُ قَتْلِ الوَلَدِ) أي: قتل الرَّجل ولده (خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ) ولأبي ذرٍّ عن المُستملي والكُشميهنيِّ: «بابٌ» بالتَّنوين «أيُّ الذَّنب أعظم».


(١) في (ص) و (ع): «يكون».
(٢) في (ع): «أزكى».
(٣) في (د) و (ع): «يتراحم».
(٤) في (د): «فيها».

<<  <  ج: ص:  >  >>