للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهْمًا يُعْطَى) بضم التحتية مبنيًّا للمفعول (رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ) جلَّ وعلا (وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ) أي: الَّتي كانت معلَّقةً في قبضةِ سيفهِ. قال أبو جُحَيفة: (قُلْتُ) له: (وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟) سقط لأبي ذرٍّ من قولهِ: «وقال ابنُ عُيينة … » إلى هنا (قَالَ: العَقْلُ) أي: الدِّيَة (وَفِكَاكُ الأَسِيرِ) ما يُخلَّص به من الأسرِ (وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) وقال الحنفيَّة: يُقتل المسلم بالذِّميِّ إذا قتله بغير حقٍّ، ولا يُقتلُ بالمستأمنِ. وعن الشَّعبيِّ والنَّخعيِّ: يُقتلُ باليهوديِّ والنَّصرانيِّ دون المجوسيِّ؛ لحديثِ أبي داود من طريق الحسن عن قيسِ بن عُبَاد، عن عليٍّ: «لا يُقتلُ مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهدهِ» أي: ولا يقتلُ ذو عهدٍ (١) في عهدِه بكافرٍ. قالوا: وهو من عطف الخاصِّ على العامِّ فيقتضِي تخصيصه؛ لأنَّ الكافرَ الَّذي لا يُقتلُ به ذو العهدِ هو الحربيُّ دون المساوِي له والأَعلى، فلا يَبقى من يُقتل بالمعاهدِ إلَّا الحربي، فيجبُ أن يكون الكافر الَّذي لا يقتلُ به المسلم هو الحربيّ؛ لتسويتِهِ بين المعطوفِ والمعطوفِ عليه.

وقال الطَّحاويُّ: لو كانتْ فيهِ دَلالة على نفِي قتلِ المسلمِ بالذِّميِّ لكان وجه الكلام أن يقول: ولا ذي عهدٍ في عهدِه، وإلَّا لكان لحنًا، والنَّبيُّ لا يلحَنُ، فلما لم يكنْ كذلك علمنا أنَّ ذا العهد هو المعنيّ بالقصاصِ، وصار التَّقدير: لا يقتل مؤمنٌ ولا ذمِّيٌّ ولا ذو عهدٍ في عهده بكافرٍ. وتعقِّب بأنَّ الأصل عدم التَّقدير والكلام مستقيمٌ بغيرهِ إذا جعلنا الجملةَ مُسْتأنفة، ويؤيِّده اقتصارُ الحديث الصَّحيح على الجملةِ الأولى. ذكره في «فتح الباري».

قال: وقد أبدى الشَّافعيُّ له مناسبة، فقال: يشبهُ أن يكون لما أعلمَهم أن لا قودَ بينَهم وبين الكفَّار أعلمَهم أنَّ دماءَ الجاهليَّة محرَّمة عليهم بغير حقٍّ، فقال: «لا يقتلُ مسلمٌ بكافرٍ، ولا يقتلُ ذو عهدٍ في عهدهِ» ومعنى الحديث: لا يقتلُ مسلمٌ بكافرٍ قِصاصًا، ولا يقتلُ من له عهدٌ ما دامَ عهدُه باقيًا. انتهى.

والحديث سبق في «العاقلةِ» [خ¦٦٩٠٣].

(٣٢) هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه: (إِذَا لَطَمَ المُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الغَضَبِ) لم يجبْ عليه شيءٌ


(١) في (ل): «عهده».

<<  <  ج: ص:  >  >>