للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الإمام فخر الدِّين: أنَّه لو قيل: آتنا في الدُّنيا الحسنة وفي الآخرة الحسنة؛ لكان ذلك متناولًا لكلِّ الحسنات، لكنَّه نُكِّر في محلِّ الإثبات فلا يتناول إلَّا حسنةً واحدةً، فلذلك اختلف المفسِّرون فكلُّ واحدٍ منهم حمل اللَّفظ على ما رآه أحسن أنواع الحسنة، وهذا بناءً منه على أنَّ المفرد المعرَّف بالألف واللَّام يعمُّ، وقد اختار في «المحصول» خلافه.

ثمَّ قال: فإن قيل: أليس لو قيل: آتنا الحسنة في الدُّنيا، والحسنة في الآخرة، لكان متناولًا لكلِّ الأقسام فَلِمَ ترك ذلك وذكره منكَّرًا؟ وأجاب بأن قال: إنَّا بيَّنَّا أنَّه ليس للدَّاعي أن يقول: اللَّهمَّ أعطني كذا وكذا، بل يجب أن يقول: اللَّهمَّ (١) إن كان كذا وكذا مصلحةً لي وموافقة (٢) لقضائكَ وقدركَ، فأعطني ذلك، فلو قال: اللَّهمَّ أعطني الحسنة (٣) في الدُّنيا لكان ذلك جزمًا، وقد بيَّنَّا أنَّ ذلك غير جائزٍ، فلمَّا ذكره على سبيل التَّنكير كان المراد (٤) منه: حسنةً واحدةً هي الَّتي توافق قضاءهُ وقدرهُ، فكان ذلك أقرب إلى رعايةِ الأدب.

(وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) «قنا» ممَّا حذفت منه فاؤه ولامه؛ لأنَّه مَن وقى يقي وقايةً، أمَّا حذف فائه فبالحملِ على المضارعِ؛ لوقوع الواو بين ياء وكسرة، وأمَّا حذف لامهِ فلأنَّ الأمر جارٍ مجرى الفعلِ المضارع المجزوم، وجزمه بحذف حرف العلَّة، فكذلك الأمر منه، فوزن قِنا عِنا، والأصل: اوْقِنا، فلمَّا حذفت الفاء استُغْنِى عن همزةِ الوصل فحذفتْ، والمعنى: احفظنَا من عذابِ جهنَّم، أو عذاب النَّار: المرأة السُّوء.

وهذا الحديثُ سبق في «تفسير سورة البقرة» [خ¦٤٥٢٢].

(٥٦) (باب التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا) سقط لفظ «باب» لأبي ذرٍّ فـ «التَّعوُّذ» رفع.


(١) في (ص) و (ع) زيادة: «أعطني».
(٢) في (س): «موافقًا».
(٣) في (ص): «الجنَّة».
(٤) «المراد»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>