للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ الإِمَامُ الحَافِظُ (١) أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ رحمه الله تعالى (٢)):

(بسم الله الرحمن الرحيم) الباء متعلِّقةٌ بمحذوفٍ قدَّره البصريُّون اسمًا مقدَّمًا، والتَّقدير: ابتدائي كائنٌ أو مستقِرٌّ، وقدَّره الكوفيُّون فعلًا مقدَّمًا، والتَّقدير: أبدأ، فالجارُّ والمجرور في الأوَّل: في موضع رفعٍ، وفي الثاني: نصبٍ، وجوَّز بعضهم تقديره اسمًا متأخِّرًا (٣) أي: بسم الله ابتدائي الكلام، وقدَّره الزَّمخشريُّ فعلًا مؤخَّرًا، أي: بسم الله أقرأ أو أتلو؛ لأنَّ الذي يتلوه مقروءٌ، وكلُّ فاعلٍ يَبدَأ في فعله ببسم الله يكون (٤) مُضْمِرًا، ما جعل التَّسميةَ مبدأً له، كما أنَّ المسافر إذا حلَّ أو ارتحل، فقال: بسم الله؛ كان المعنى: بسم الله أَحِلُّ، وبسم الله أرتحل، وهذا أَوْلى من أن يُضمر «أبدأ»؛ لعدم ما يطابقه ويدلُّ عليه، أو: ابتدائي؛ لزيادة الإضمار فيه، وإنَّما قُدِّر المحذوف متأخِّرًا، وقُدِّم المعمول؛ لأنَّه أهمُّ وأدلُّ على الاختصاص، وأَدْخَل في التَّعظيم وأَوْفَق للوجود؛ فإنَّ اسم الله تعالى مُقدَّمٌ على القراءة، كيف وقد جُعِلَ آلةً لها من حيث إنَّ الفعل لا يُعتدُّ به شرعًا ما لم يُصدَّر باسمه تعالى؛ لحديث: «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدَأ فيه ببسم الله فهو أبتر» (٥).


(١) «الحافظ»: ليس في (ص).
(٢) قوله: «قَالَ الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ رحمه الله تعالى»، سقط من (م).
(٣) في (ب) و (س): «مؤخَّرًا».
(٤) في غير (ص): «كان».
(٥) أخرجه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة مرفوعًا الخطيب في «الجامع» ومن طريقه جماعة منهم الرهاوي في «الأربعين»، وفيه كلام. انظر للتوسع: الأجوبة المرضية (١/ ١٨٩)، وأنيس الساري (٦/ ٣٩٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>