للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشاءُ (﴿يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم﴾) من الكفرِ والشِّركِ، أو يخفونَ النَّدمَ على خروجِهِم مع المسلمينَ (﴿مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾) خوفًا من السَّيفِ (﴿يَقُولُونَ﴾) في أنفسِهِم، أو بعضهم لبعضٍ منكرينَ لقولكَ لهم: ﴿إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾ (﴿لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾) أي: لو كان الأمرُ كما قال محمدٌ: إنَّ الأمرَ كلَّهُ للهِ ولأوليائهِ وإنَّهُم الغالبونَ؛ لَمَا غُلِبْنَا قط، ولَمَا قُتِلَ من المسلمين مَن قُتِلَ في هذه المعركةِ (﴿قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ﴾) أي: مَن علمَ اللهُ منه أن يُقتل في هذه المعركةِ، وكتب في اللَّوحِ المحفوظِ؛ لم يكُن بدٌّ من وجودِه، فلو قعدتُم في بيوتِكُم (﴿لَبَرَزَ﴾) من بينِكُم (١) (﴿الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾) مصارِعِهم بأُحد؛ ليكونَ ما علمَ اللهُ تعالى أنَّه يكون، والحذرُ لا يمنعُ القدَر، والتَّدبيرُ لا يقاوِمُ التَّقديرَ، وقد كتبَ اللهُ في اللَّوحِ المحفوظِ (٢) قَتْلَ من يُقتَل من المؤمنين، وكُتبَ مع ذلك أنَّ العاقبةَ في الغلبةِ لهم، وأنَّ دينَ الإسلامِ يظهرُ على الدِّين كلِّه، وأنَّ ما ينكبونَ (٣) في بعضِ الأوقاتِ تمحيصٌ لهُم (﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾) أي: وليختبرَ ما في صدورِكُم من الإخلاصِ (﴿وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾) من وساوسِ الشَّيطانِ (﴿وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران: ١٥٤]) وهي: الأسرارُ والضَّمائرُ؛ لأنَّها حالَّةٌ فيها مصاحبةٌ لها، وذَكَرَ ذلكَ ليدُلَّ به على أنَّ ابتلاءَهُ لم يكن لأنَّه يَخفى عليهِ ما في الصُّدورِ وغيره؛ لأنَّه عالمٌ بجميعِ المعلوماتِ، وإنَّما ابتلَاهم لمحضِ الإلهيَّةِ، أي: للاستصلاحِ، وسقطَ لفظ «باب» لأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ، وكذا قولُه «﴿يَغْشَى طَآئِفَةً﴾ … » إلى آخره، وقالَا (٤) بعدَ قولِهِ: «﴿نُّعَاسًا﴾ إلى قولهِ: ﴿بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾».

٤٠٦٨ - وبهِ قالَ: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ) بن خَيَّاط أبو عَمرو العُصفُريُّ، البَصريُّ في المُذاكَرَةِ: (حَدَّثَنَا


(١) في (د): «بيوتكم».
(٢) «المحفوظ»: ليست في (د) و (س).
(٣) في (د): «يكبتون».
(٤) في (د): «وسقط لفظ باب لأبي ذرٍّ، وكذا قوله: ﴿يَغْشَى طَآئِفَةً … ﴾ إلى آخره له، ولابن عساكر وقال».

<<  <  ج: ص:  >  >>