للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا) بضم الفوقية وفتح المعجمة وكسر الكاف مشددة (وَتَبْكِي) ولأبي ذرٍّ: «تذكِّرهما نذرهَا وتبكِي» (وَتَقُولُ) لهما: (إِنِّي نَذَرْتُ) أن لا أكلِّمه (وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالَا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا) الَّذي يسترُ رأسَها، وهو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الميم. واختُلف في النَّذر إذا خرجَ مخرج اليمين مثل إن قال: إن كلَّمت فلانًا فلله عليَّ عتقُ رقبة، فهذا نذرٌ خرج مخرجَ اليمينِ لأنَّه قصدَ به منعَ نفسهِ عن الفعلِ، فإذا فعلَ ذلك وجبتْ (١) عليه كفَّارة اليمين، كما ذهبَ إليه الشَّافعيُّ وأكثر السَّلف، ويسمَّى نذر اللَّجاجِ. وقال المالكيَّة: إنَّما ينعقدُ النَّذر إذا كان في طاعةٍ كللَّهِ عليَّ أن أعتق أو أصلِّي، فإن كان في حرامٍ أو مكروهٍ أو مباحٍ فلا، وحينئذٍ فنذرُ ترك الكلام الصَّادر من عائشة في حقِّ ابن الزُّبير يُفضي إلى التَّهاجر وهو حرامٌ أو مكروهٌ. وأُجيب بأنَّ عائشةَ رأتْ أنَّ ابن الزُّبير ارتكبَ بقولهِ: «لأحجرنَّ عليها» أمرًا عظيمًا لِمَا فيه من تنقيصِها، ونسبتهُ لها إلى التَّبذير الموجبِ لمنعها من التَّصرُّف مع ما انضاف إلى ذلك من كونها أمَّ المؤمنين وخالته أخت أمِّه، فكأنَّها رأت الَّذي صدرَ منه نوع عقوقٍ، فهو في معنى نهيهِ المسلمين عن كلامِ كعبِ ابن مالكٍ وصاحبيهِ لتخلُّفِهم عن غزوةِ تبوك بغير عذرٍ عقوبةً لهم.

٦٠٧٦ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ الكلاعيُّ الدِّمشقيُّ الأصل قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمامُ الأعظم (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد (٢) بن مسلمِ الزُّهريِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ،


(١) في (د): «وجب».
(٢) قوله: «محمد»: ليس في (ع) و (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>