ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله:«يشهدون ولا يستشهدون» لأنَّ الشَّهادة قبل الاستشهاد فيها معنى الجَور، وقد أخرجه المؤلِّف أيضًا في «فضل الصَّحابة»[خ¦٣٦٥٠] وفي «الرِّقاق»[خ¦٦٤٢٨] و «النُّذور»[خ¦٦٦٩٥]، ومسلم في «الفضائل» والنَّسائيُّ في «النُّذور».
٢٦٥٢ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمثلَّثة العبديُّ البصريُّ قال: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابن المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ عَبِيدَةَ) بفتح العين، السَّلمانيِّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) ابن مسعود (﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه (قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ) أهل (قَرْنِي) يعني أصحابه (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) يعني أتباعهم (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) يعني: أتباع التَّابعين، وهذا يقتضي أنَّ الصَّحابة أفضل من التَّابعين، والتَّابعون أفضل من أتباع التَّابعين، لكنَّ هل هذه الأفضليَّة بالنِّسبة إلى المجموع أو الأفراد محلُّ بحث، وإلى الثَّاني ذهب الجمهور، والأوَّل قول ابن عبد البَرِّ، وفي كتابي «المواهب اللَّدنيَّة بالمنح المحمَّديَّة» مباحث ذلك، ويأتي -إن شاء الله تعالى- مزيد لذلك في «فضل الصَّحابة»[خ¦٣٦٥١] بعون الله تعالى وقوَّته (ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ) أي: في حالَين لا في حالة واحدة لأنَّه دَور، قال البيضاويُّ وتبعه الكِرمانيُّ: هم الَّذين يحرصون على الشَّهادة مشغوفين بترويجها، يحلفون على ما يشهدون به، فتارةً يحلفون قبل أن يأتوا بالشَّهادة وتارة يعكسون، ويحتمل أن يكون مَثَلًا في سرعة الشَّهادة واليمين وحرص الرَّجل عليهما والتَّسرُّع فيهما، حتَّى لا يدري بأيّهما يبتدئ، فكأنَّه يسبق أحدهما الآخر من قلَّة مبالاته بالدِّين. قال النَّوويُّ: واحتجَّ به المالكيَّة في ردِّ شهادة مَن حلف معها، والجمهور على أنَّها لا تُرَدُّ.
(قَالَ إِبْرَاهِيمُ) النَّخعيُّ بالإسناد السَّابق: (وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا) زاد المؤلِّف في «الفضائل»[خ¦٣٦٥١] ونحن صغار (عَلَى الشَّهَادَةِ وَالعَهْدِ) أي: قول الرَّجل: أشهد بالله، وعليَّ عهد الله