صحيحةٍ بل هي ناقصةٌ بالنِّسبةِ إلى من كانَت هجرتُهُ خالصةً، وإنَّما أشعَرَ السِّياقُ بذمِّ من فعلَ ذلك بالنِّسبةِ إلى من طلبَ المرأةَ بصورةِ الهجرةِ الخالصةِ، فأمَّا من طلبَها مضمومةً إلى الهجرةِ فإنَّه يثابُ، لكن دونَ ثوابِ من أخلصَ، وكذا من طلبَ التَّزويجَ فقط لا على صورةِ الهجرةِ إلى اللهِ لأنَّه من الأمر المباحِ الَّذي قد يُثابُ فاعلهُ إذا قصدَ به القربةَ كالإعفافِ، كما وقع في قصَّة إسلام أبي طلحةَ المرويَّةِ عند النَّسائيِّ عن أنسٍ قال: تزوَّجَ أبو طلحةَ أمَّ سليم، فكان صداقَ ما بينهما الإسلامُ. أسلمَت أمُّ سليمٍ قبل أبي طلحةَ، فخطَبها فقالتْ: إنِّي قد أسلمتُ، فإن أسلمتَ تزوجتُكَ، فأسلمَ فتزوَّجتهُ.
قال في «الفتح»: وهو محمولٌ على أنَّهُ رغبَ في الإسلامِ ودخلهُ من وجههِ، وضمَّ إلى ذلكَ إرادة التَّزويجِ المباحِ، فصارَ كمَن نَوى بصومهِ العبادة والحميةَ، وأمَّا إذا نَوى العبادةَ وخالطها شيءٌ ممَّا يغايرُ الإخلاصَ فقد نقلَ أبو جعفر بن جريرٍ الطَّبريُّ عن جمهورِ السَّلف أنَّ الاعتبارَ بالابتداءِ، فإن كان في ابتدائهِ للهِ خالصًا لم يضرُّهُ ما عرضَ له بعد ذلكَ من إعجابٍ وغيرهِ، والله أعلم.
(٦)(باب تَزْوِيجِ المُعْسِرِ) الَّذي ليس معهُ شيءٌ من المالِ (الَّذِي مَعَهُ القُرْآنُ وَالإِسْلَامُ، فِيهِ) أي: في البابِ (سَهْلٌ) السَّاعديُّ الأنصاريُّ، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ:«سهلُ بن سعدٍ ﵁»(عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) السَّابق موصولًا في «بابِ القراءةِ عن ظهرِ قلبٍ». في قصَّةِ الواهبَةِ نفسَها [خ¦٥٠٣٠] وقوله ﵊ للرَّجل الَّذي قال: يا رسولَ الله، إن لم يكُن لكَ بها حاجة فزوِّجنيهَا:«اذهَبْ إلى أهلِكَ فانظُر هل تجدُ شيئًا» فذهبَ ثمَّ رجعَ، فقال: لا واللهِ يا رسولَ الله، ولا خَاتمًا من حديدٍ، وقوله ﵇ له:«ماذا معَكَ من القرآنِ؟» قال: مَعي سورةُ كذا وكذا -لسورٍ عدَّها- قال:«أتقرأَهُنَّ عن ظهرِ قلبِكَ؟» قال: نعم، قال:«اذهَبْ فقدْ مَلَّكتُكَها بما معَكَ من القرآنِ»[خ¦٥١٢٦].