للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا رياءَ فيه، وعلامة القبول: أن يكون حاله بعد الرُّجوع خيرًا ممَّا قبله، وقد وقع هنا الجهاد بعد الإيمان، وفي حديث أبي ذّرِّ: لم يَذْكُرِ الحجَّ وذَكَرَ العتقَ [خ¦٢٥١٨] وفي حديث ابن مسعودٍ بدأ بالصَّلاة ثمَّ البرِّ ثم الجهادِ [خ¦٢٧٨٢] وفي الحديث السَّابق [خ¦١٠] ذكر السَّلامة من اليد واللِّسان، وكلُّها في «الصَّحيح»، وقد أُجِيب: بأنَّ اختلاف الأجوبة في ذلك لاختلاف الأحوال والأشخاص، ومن ثمَّ لم يذكر الصَّلاة والزَّكاة والصِّيام في حديث هذا الباب، وقد يُقَال: خير الأشياء كذا، ولا يُرَاد أنَّه خيرٌ من جميع الوجوه في جميع الأحوال والأشخاص، بل في حالٍ دون حالٍ، وإنَّما قدَّم «الجهادَ» على «الحجِّ» للاحتياج إليه أوَّل الإسلام، وتعريف «الجهاد» باللَّام دون «الإيمان» و «الحجِّ»: إمَّا لأنَّ المُعرَّف بلام الجنس كالنَّكرة في المعنى، على أنَّه وقع في «مُسنَد الحارث بن أبي (١) أسامة»: «ثمَّ جهادٌ» بالتَّنكير، هذا من جهة النَّحو، وأمَّا من جهة المعنى (٢) فلأنَّ «الإيمان» و «الحجَّ» لا يتكرَّر وجوبُهما فَنُوِّنا للإفراد، و «الجهاد» قد يتكرَّر فَعُرِّفَ، والتَّعريف للكمال.

وفي إسناد هذا الحديث أربعةٌ كلُّهم مدنيُّون، وفيه شيخان للمؤلِّف، والتَّحديث والعنعنة، وأخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، والنَّسائيُّ والتِّرمذيُّ باختلافٍ بينهم في ألفاظه.

(١٩) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا لَمْ يَكُنِ) أي: إن لم يكن (الإِسْلَامُ عَلَى الحَقِيقَةِ) الشَّرعيَّة (وَكَانَ عَلَى الاِسْتِسْلَامِ) أي: الانقياد الظَّاهر فقط، والدُّخول في السِّلْم (أَوِ) كان على (الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ) لا يُنتفَع به في الآخرة، فـ «إذا» متضمِّنةٌ معنى الشَّرط، والجزاء محذوفٌ، وتقديره نحو ما قدَّرته (لِقَوْلِهِ تَعَالَى) ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ «﷿»: (﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ﴾) أهل البدو، ولا واحدَ له من لفظه، ومَقُول قولهم: (﴿آمَنَّا﴾) نزلت في نفرٍ من بني أَسْلَمَ، قَدِمُوا المدينة في سنةٍ جدبةٍ، وأظهروا الشَّهادتين، وكانوا يقولون لرسول الله : أتيناك بالأثقال والعيال، ولم


(١) «أبي»: سقط من (م).
(٢) في (ل): «وأمَّا في المعنى».

<<  <  ج: ص:  >  >>