للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من «اثنتين» على حذف مضافٍ، ولأبي ذَرٍّ: «رجلٌ» بالرَّفع على إضمار مبتدأٍ، أي: أحدهما: رجلٌ (آتَاهُ) بالمدِّ، أي: أعطاه (اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ) بفتح اللَّام، وفيه مبالغتان: التَّعبير بالتَّسليط المقتضي للغلبة، وبالهلكة المشعرة بفناء الكلِّ (فِي الحَقِّ) أخرج التَّبذير الذي هو صرف المال فيما لا ينبغي (وَرَجُلٍ) بالجرِّ، ولأبي ذرٍّ: «ورجلٌ» بالرَّفع (آتَاهُ اللهُ) أعطاه (حِكْمَةً) القرآن أو السُّنَّة كما قال الإمام الشَّافعيُّ في «الرِّسالة» (فَهْوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا) فإن قلت: كلُّ خيرٍ يتمنَّى مثله شرعًا، فما وجه حصر التَّمنِّي في هاتين الخصلتين؟ أجاب ابن المُنيِّر بأنَّ الحصر هنا غير مرادٍ، وإنَّما المراد مقابلة ما في الطِّباع بضدِّه (١)؛ لأنَّ الطِّباع تحسد على جمع (٢) المال وتذمُّ ببذله، فبيَّن الشَّرع عكس الطَّبع فكأنَّه قال: لا حسد إلَّا فيما تذمُّون عليه، ولا مذمَّة إلَّا فيما تحسدون عليه، ووجه المؤاخاة بين الخصلتين: أنَّ المال يزيد بالإنفاق ولا ينقص؛ لقوله تعالى: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة: ٢٧٦] ولقوله : «ما نقص مالٌ من صدقةٍ»، والعلم يزيد أيضًا بالإنفاق منه، وهو التَّعليم فتواخيا.

وهذا الحديث سبق في «كتاب العلم» في «باب الاغتباط» [خ¦٧٣].

(٦) (باب الرِّيَاءِ فِي الصَّدَقَةِ؛ لِقَوْلِهِ) تعالى: (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تُبْطِلُواْ﴾) ثواب (﴿صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٦٤]) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: «إلى قوله: ﴿وَاللّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾» (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ) ممَّا وصله ابن جريرٍ: (﴿صَلْدًا﴾ [البقرة: ٢٦٤] (٣) لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ) مولى ابن عبَّاسٍ، ممَّا وصله عبد بن حُمَيْدٍ: (﴿وَابِلٌ﴾ [البقرة: ٢٦٤] مَطَرٌ


(١) في (د): «بفضدة»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (م): «جميع».
(٣) في حاشية (د): «وهذا مَثَلٌ ضربه الله لنفقة المنافق والمرائي والمؤمن الذي يمنُّ بصدقته ويؤذي ويُري النَّاس في الظَّاهر أنَّ لهؤلاء أعمالًا؛ كما يُرَى التُّراب على هذا الصَّفوان، فإذا كان يوم القيامة؛ بطلَ كلُّه واضمحلَّ؛ لأنَّه لم يكن لله ﷿ كما أذهب المطرُ ما على الصَّفوان من التُّراب، فتركه صلدًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>