للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استهلَّ، وبه سُمِّي الهلال لأنَّ النَّاس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه، واستبعد ابن المُنيِّر هذا الأخير من وجهين:

أحدهما: أنَّ العرب ما كانت تعتني بالأهلَّة لأنَّها لا تؤرِّخ بها، والهلال مُسمًّى (١) بذلك قبل العناية بالتَّاريخ.

الثَّاني: أنَّ جعل الإهلال مأخوذًا من الهلال أَوْلى لقاعدةٍ تصريفيَّةٍ؛ وهي: أنَّه إذا تعارض الأمر في اللَّفظين أيُّهما أُخِذ من الآخر جعلنا الألفاظ المتناولة للذَّوات أصلًا للألفاظ المتناولة للمعاني، والهلال ذاتٌ فهو الأصل، والإهلال معنًى يتعلَّق به فهو الفرع، ذكره في «المصابيح».

١٥٤٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ) الواشحيُّ -بالمعجمة ثمَّ المهملة- الأزديُّ قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) هو ابن درهمٍ، الجهضميُّ الأزديُّ البصريُّ (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) الجرميِّ (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ بِالمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ) أي: النَّاوين للقِران (٢) (يَصْرُخُونَ بِهِمَا) أي: بالحجِّ والعمرة (جَمِيعًا) أو الضَّمير في «سمعتهم» راجعٌ إلى النَّبيِّ ومن معه من أصحابه.

وفي الحديث: حجَّةٌ للجمهور في استحباب رفع الصَّوت بالتَّلبية للرَّجل بحيث لا يضرُّ بنفسه، نعم لا يُستحَبُّ رفع الصَّوت بها في ابتداء الإحرام، بل يُسمِع نفسَه فقط كما في «المجموع»، وخرج بالرَّجل: المرأةُ والخنثى فلا يرفعان صوتهما، بل يُسمِعان أنفسَهما فقط كما في قراءة الصَّلاة، فإن رفعا كُرِه، وقد روى أحمد في «مُسنَده» من حديث أبي هريرة، أنَّ النَّبيَّ قال: «أمرني جبريل برفع الصَّوت بالإهلال، وقال: إنَّه من شعائر الحجِّ»، وهذا كغيره من الأحاديث ليس فيه بيان حكم التَّلبية، وقد اختُلِف في ذلك، ومذهب الشَّافعيِّ


(١) في (د): «يُسمَّى».
(٢) في (د): «القِران».

<<  <  ج: ص:  >  >>