للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نافيةً للعلم بأنَّه كان حالتُه الأصليَّة الرِّقَّ، والنَّافي هو المُبقيها، والمثبتُ هو المُخْرِجُ عنها. انتهى.

وحديث الأسود كما في «الفتح» اختلف فيه على راويه هل هو من قولِ الأسود؟ أو رواهُ عن عائشة؟ أو هو قول غيره؟ قال إبراهيمُ بن أبي طالبٍ أحد حُفَّاظ الحديث، وهو من أقرانِ مسلمٍ فيما أخرجَه البيهقيُّ عنه: خالفَ الأسودُ النَّاس في زوج بَرِيْرة، وقال الإمام أحمد: إنَّما يصحُّ أنَّه كان حرًّا عن (١) الأسود وحدَه، وصحَّ عن ابن عبَّاسٍ وغيره أنَّه كان عبدًا، ورواه علماءُ المدينة -وإذا روى علماء المدينة شيئًا وعملوا به فهو أصحُّ شيء-: وإذا عُتقت الأمَة تحتَ الحرِّ فعَقْدُها المتَّفق على صحَّته لا يفسخُ بأمرٍ مختلفٍ فيه.

٥٢٨٠ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشامُ بنُ عبد الملك قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (وَهَمَّامٌ) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى، ابن يحيى البصريُّ، كلاهما (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أنَّه (قَالَ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا؛ يَعْنِي): مُغيثًا (زَوْجَ بَرِيرَةَ) تمسَّك به بعضُ الحنفيَّة فقال: إنَّه لا يدلُّ على أنَّه كان عبدًا حين أعتقتْ بريرة، فلا يتمُّ الاستبدال بهِ، والاختلافُ وقعَ في صِفَتين لا يجتمعان في حالةٍ واحدةٍ فنجعلهُمَا في حالتين فنقولُ: كان عبدًا في حالةٍ حرًّا في أُخْرى، فبالضَّرورة تكون إحدى الحالتين متأخِّرةً عن الأُخرى، وقد علم أنَّ الرِّقَّ تعقُبه الحرِّيَّة لا العكس، وحينئذٍ فثبتَ أنَّه كان حرًّا في الوقت الذي خُيِّرت فيه وعبدًا قبل ذلك، وتعقِّب بأنَّ محل طريق الجمعِ المذكور إذا تساوتِ الرِّوايتان في القوَّة، أمَّا مع التَّفرُّد (٢) في مقابلةِ الاجتماع فتكون الرِّوايةُ المنفردة شاذَّةً، والشَّاذُّ مردودٌ، ولهذا لم يعتبرِ الجمهورُ طريق الجمعِ بين (٣) الرِّوايتين مع قولهم: إنَّه لا يصارُ إلى التَّرجيح مع إمكانِ الجمع، والَّذي يتحصَّل من كلام محقِّقيهِم -وقد أكثرَ منه الشَّافعيُّ وأتباعه- أنَّ محلَّ الجمع إذا لم يظهر الغلطُ في إحدى الرِّوايتين، ومنهم من شرطَ التَّساوي في القوَّة. وعند التِّرمذيِّ: أنَّه كان عبدًا أسود يوم


(١) في (ب): «عند».
(٢) في (م) و (ص) و (د): «المنفرد».
(٣) في (د): «مع».

<<  <  ج: ص:  >  >>