أي: يُطلب أمرُها، والأَيِّم: بفتح الهمزة وتشديد التحتية مكسورة وبعدها ميم، مَن لا زوج لها بكرًا أو ثيِّبًا، لكن المراد هنا: الثَّيِّب بقرينةِ المقابلة للبكرِ في قولهِ: (وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ) بالبناء للمفعولِ (حَتَّى تُسْتَأْذَنَ) بالبناء للمفعول أيضًا (قَالُوا): يا رسول الله (كَيْفَ إِذْنُهَا؟) أي: إذن البكر (قَالَ)ﷺ: إذنها (أَنْ تَسْكُتَ) غالبًا، وإنَّما وقع السُّؤال عن الإذن مع أنَّ حقيقته معلومة؛ لأنَّ البكرَ لما كانت تستحِي أن تُفصحَ بإظهارِ رغبتِها في النِّكاح احتيجَ إلى كيفيَّة إذنها.
(وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) وهو الإمام أبو حنيفة: (إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ القَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أنَّه لَمْ (١) يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ) أي: يجوزُ له (هَذَا النِّكَاحُ، وَلَا بَأْسَ بِالمُقَامِ لَهُ مَعَهَا) بضم ميم المقام؛ لأنَّ حُكم الحاكمِ ينفذُ ظاهرًا وباطنًا عنده كما مرَّ، وقد نقل المهلَّب اتِّفاق العلماء على وجوبِ استئذان الثَّيِّب لقولهِ تعالى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ﴾ [البقرة: ٢٣٢] فدلَّ على أن النكاح يتوقف على الرِّضا من الزَّوجين، وأَمَرَ النَّبيُّ ﷺ باستئذانِ نكاح الثَّيِّب، وردِّ نكاحِ من زُوِّجت كارهةً، فقول الإمام أبي حنيفة خارجٌ عن هذا كلِّه، ذكره في «الفتح».
٦٩٧١ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ) الضَّحَّاك بن مخلدٍ (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك بنِ عبد العزيز (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) هو: عبدُ الله بن عُبيد الله بنِ أبي مُليكة -بضم الميم-، واسمه زهير (عَنْ ذَكْوَانَ) مولى عائشة (عَنْ عَائِشَةَ ﵂) أنَّها (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: البِكْرُ تُسْتَأْذَنُ) قالت عائشةُ: (قُلْتُ): يا رسولَ الله (إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحِي) أن تُفصِح بذلك (قَالَ)ﷺ: (إِذْنُهَا صُمَاتُهَا) بضم الصاد المهملة، سكوتُها.