للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إفراط اليهود الآخذين في ذلك بإخراجهنَّ من البيوت، وتفريط النَّصارى؛ فإنَّهم كانوا يجامعونهنَّ ولا يبالون بالحيض، وإنَّما وصفه بأنَّه أذًى، ورتَّب الحكم عليه بالفاء؛ إشعارًا بأنَّه العلَّة (﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ﴾) تأكيدٌ للحكم وبيانٌ لغايته، وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ويدلُّ عليه صريحًا قراءة: «يطَّهرن» بالتَّشديد، بمعنى: يغتسلن، والتزامًا (١) قوله: (﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾) فإنَّه يقتضي تأخُّر جواز الإتيان عن الغسل، وقال أبو حنيفة: إن طهرت لأكثر الحيض، جاز قربانها قبل الغسل (﴿مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ﴾) أي: المأتَى الذي أمركم الله به، وحلَّله لكم (﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾) مِنَ الذُّنوب (﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]) المتنزِّهين عنِ الفواحش والأقذار كمُجامعة الحائض، والإتيان في غير المأتيِّ، كذا ذُكِرتِ الآية كلُّها في رواية ابن عساكر، ولأبوَي ذَرٍّ والوقت: «﴿فَاعْتَزِلُواْ﴾ إلى قوله: ﴿وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾» وللأَصيليِّ كذلك: «إلى قوله: ﴿الْمُتَطَهِّرِينَ﴾» وفي روايةٍ: «﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ الآيةَ».

(١) هذا (بابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الحَيْضِ) أي: ابتداؤه، ويجوز تنوين «بابٍ» بالقطع عمَّا بعده، وتركه للإضافة لتاليه (وَقَوْلِ النَّبِيِّ ) بجرِّ «قول» ورفعه على ما لا يخفى: (هَذَا) أي: الحيض (شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ) لأنَّه من أصل خلقتهنَّ الذي فيه صلاحهنَّ، ويدلُّ له قوله تعالى: ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: ٩٠] المُفسَّر بأصلحناها للولادة بردِّ الحيض إليها بعد عقرها، وقد روى الحاكم بإسنادٍ صحيحٍ من حديث ابن عبَّاسٍ: إنَّ ابتداء الحيض كان على حوَّاء


(١) في (ص): «إلزامًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>