والسِّين (لَمْ يَزِدْ عَلَى) صلاة (رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ) صلاة (الصُّبْحِ) في العدد والهيئة (قَالَ) عروة: (أَجَلْ) يعني: نعم، صلَّى كذلك (لأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ) ولأبي الوقت من غير «اليونينيَّة»(١): «إنَّه أخطأ السُّنَّة» أي: جاوزها سهوًا أو عمدًا بأَنْ أدَّى اجتهاده إلى ذلك؛ لأنَّ السُّنَّة أن يُصلَّى في كلِّ ركعةٍ ركوعان. نعم ما فعله عبد الله يتأدَّى به أصل السُّنَّة وإن كان فيه تقصيرٌ بالنِّسبة إلى كمال السُّنَّة، فإن قلت: الأَولى الأخذ بفعل عبد الله لكونه صحابيًّا، لا بقول أخيه عروة التَّابعيِّ، أُجيبَ بأنَّ قول عروة:«السُّنَّة كذا» وإن قلنا: إنَّه مرسلٌ على الصَّحيح، لكن قد ذكرَ عروة مستنده في ذلك وهو خبر عائشة المرفوع، فانتفى عنه احتمال كونه موقوفًا أو منقطعًا، فترجَّح المرفوع على الموقوف، فلذلك حكم على صنيع أخيه بالخطأ بالنِّسبة إلى الكمال، والله أعلم.
(٥) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (هَلْ يَقُولُ) القائل: (كَسَفَتِ الشَّمْسُ) بالكاف (أَوْ) يقول: (خَسَفَتْ) بالخاء المعجمة؟ زاد ابن عساكر فقال:«أو خسفت الشمس» قيل: أورده ردًّا على المانع من إطلاقه بالكاف على الشَّمس، رواه سعيدُ بن منصورٍ بإسنادٍ صحيحٍ موقوفٍ عن عروة من طريق الزُّهريِّ بلفظ:«لا تقولوا: كسفت الشَّمس، ولكن قولوا: خسفت»، والأصحُّ أنَّ الكسوف والخسوف المضافين للشَّمس والقمر بمعنًى، يُقال: كَسَفت الشَّمس والقمر وخَسَفا بفتح الكاف والخاء مبنيًّا للفاعل، وكُسِفا وخُسِفا بضمِّهما مبنيًّا للمفعول، وانكسفا وانخسفا بصيغة: انفعل، ومعنى المادَّتين واحدٌ، أو يختصُّ ما بالكاف بالشَّمس، وما بالخاء بالقمر، وهو المشهور على ألسنة الفقهاء، واختاره ثعلب، وادَّعى الجوهريُّ أفصحيَّته، ونَقل عيَاضٌ عكسه، وعُورضَ بقوله تعالى: ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾ [القيامة: ٨] ويدلُّ للقول الأوَّل إطلاق اللَّفظين في المحلِّ الواحد في الأحاديث، قال الحافظ عبد العظيم المنذريُّ -ومِن قَبْله القاضي أبو بكر