للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا ينفعه إيمانهم، وقال البيضاويُّ: وضع ﴿كَفَرَ﴾ موضع من لم يحجَّ تأكيدًا لوجوبه وتغليظًا على تاركه، ولذلك قال : «من مات ولم يحجَّ فليمت إن شاء يهوديًّا أو نصرانيًّا»، وقد أكَّد أمر الحجِّ في هذه الآية من وجوه الدَّلالة على وجوبه بصيغة الخبر، وإبرازه في الصُّورة الاسميَّة، وإيراده على وجهٍ يفيد أنَّه حقٌّ واجبٌ لله في رقاب النَّاس (١)، وتعميم الحكم أوَّلًا وتخصيصه ثانيًا (٢)، فإنَّه كإيضاحٍ بعد إبهامٍ، وتثنيةٍ (٣) وتكريرٍ للمراد، وتسمية ترك الحجِّ كفرًا من حيث إنَّه فعل الكَفَرة، وذكر الاستغناء عنه بالبرهان والإشعار بعظم (٤) السُّخط؛ لأنَّه تكليفٌ شاقٌّ جامعٌ بين كسر النَّفس وإتعاب البدن وصرف المال والتَّجرُّد عن الشَّهوات والإقبال على الله. انتهى. وهذا أخذه من قول الزَّمخشريِّ، لكنَّ عبارته: جعل ﴿وَمَن كَفَرَ﴾ عوضًا عن «ومن لم يحجَّ» تغليظًا إلى آخر الحديث، واستشكله ابن المُنيِّر بأنَّ تاركه لا يكفر بمُجرَّد تركه، فتعيَّن حمله على تاركه جاحدًا لوجوبه، فالكفر يرجع إلى الاعتقاد، قال: والزَّمخشريُّ سهل عليه ذلك لأنَّه يعتقد أنَّ تارك الحجِّ يخرج عن الإيمان ويخلد في النَّار، ويحتمل أن يكون قوله: ﴿وَمَن كَفَرَ﴾ استئنافَ وعيدٍ للكافرين.

١٥١٣ - وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ) ضدَّ اليمين (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الفَضْلُ) اختُلِف على الزُّهريِّ في هذا الإسناد، فرواه ابن جريجٍ كما في «باب الحجِّ عمَّن لا يستطيع الثُّبوت على الرَّاحلة» [خ¦١٨٥٣] عنه، عن سليمان بن يسارٍ، عن ابن عبَّاسٍ، عن


(١) في (د): «المسلمين».
(٢) «ثانيًا»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) «وتثنيةٍ»: ليس في (ص)، وفي (م): «تنبيهٍ»، وهو تصحيفٌ.
(٤) في (د): «بعدم»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>