للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

((٧٤)) (بسم الله الرحمن الرحيم، كِتَابُ الأَشْرِبَةِ) جمع شرابٍ، كأطعمة وطعام، اسمٌ لما يُشرب، وليس مصدرًا؛ لأنَّ المصدرَ -هو الشَُِّرب- بتثليث الشين. (وقَوْلُِ اللهِ تَعَالَى) بالخفض على العطفِ وبالرَّفع على الاستئنافِ (﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ﴾) وهو المعتصرُ من العنبِ إذا غلى وقذفَ بالزَّبد، ويطلق على ما غلى وقذف بالزَّبد من غير ماءِ العنب مجازًا، وفي تسميتهَا خمرًا أربعة أقوالٍ: لأنَّها تخمِّر العقلَ، أي: تسترهُ، أو لأنَّها تغطى حتَّى تدركَ وتشتدَّ، أو من المخالطةِ (١) لأنَّها تخامر العقل، أي: تخالطُه، أو من التَّرك لأنَّها تترك حتَّى تدرك، ومنه اختمرَ العجين، أي: بلغَ إدراكه (﴿وَالْمَيْسِرُ﴾) القمارُ، مفعل من اليُسر، وهو السُّهولة لأنَّ أخذهُ سهلٌ من غير كدٍّ (﴿وَالأَنصَابُ﴾) الأصنامُ لأنَّها تنصب فتعبد (﴿وَالأَزْلَامُ﴾) القداحُ، كانوا إذا أرادوا أمرًا عمدوا إلى قداحٍ ثلاثة، مكتوبٍ على واحدٍ منها: أمرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، والثالث: غفل، فإن خرجَ الأمر مضى لحاجتهِ، وإنْ خرج النَّهي أمسك، وإن خرجَ الغفل أعاد (﴿رِجْسٌ﴾) خبرٌ عن المذكورات. واستُشكل من حيث أخبر عن جمع بمفردٍ، وأجاب الزَّمخشريُّ بأنَّه على حذف مضافٍ، أي: إنَّما شأن الخمرِ كذا وكذا. قال أبو حيَّان: ولا حاجةَ إلى هذا بل الحكمُ على هذه الأربعةِ أنفسها بأنَّها رجسٌ أبلغ من تقدير هذا المضاف كقولهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] والرِّجس: الشَّيءُ القذرُ، أو النَّجس، أو الخبيث (﴿مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾) في موضع رفع صفة لـ ﴿رِجْسٌ﴾ ولما كان يحملُ على فعلِ ما ذُكر (٢) كان كأنَّه عمله والضَّمير في (﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾) يعودُ إلى الرِّجس، أو إلى عملِ الشَّيطان، أو إلى المذكورِ، أو إلى المضافِ المحذوف كأنَّه قيل: إنَّما تعاطِي الخمر والميسر. (﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠])


(١) قال الشيخ قطة : قوله: «أو من المخالطة» وكذا قوله: «من الترك» لا يخفى ما فيه من المسامحة.
(٢) في (م) زيادة: «قال».

<<  <  ج: ص:  >  >>