للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(((٧٦))) (سورة ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ﴾) مكِّيَّة، وآيُها إحدى وثلاثون.

(بسم الله الرحمن الرحيم) سقطتِ البسملة لغير أبي ذرٍّ. (يُقَالُ) وفي بعضِ النُّسخ: «وقال يحيَى» يعني: ابن زيادٍ الفرَّاء (مَعْنَاهُ: أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ، وَ «هَلْ» تَكُونُ جَحْدًا) أي: نفيًا (وَتَكُونُ خَبَرًا) يخبرُ بها عن أمرٍ مقرَّرٍ، فتكون على بابِها للاستفهامِ التَّقريري؛ ولذلك فسِّر بـ «قد»، وأصله كقوله:

سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ بِشِدَّتِنَا (١) … أَهَلْ رَأَوْنَا بِسَفحِ القَاعِ ذِي الأَكَمِ

(وَهَذَا) الَّذي في الآيةِ (مِنَ الخَبَرِ) الَّذي بمعنى: قد، والمعنى -كما في «الكشَّاف» -: أقد أتى؟ على التَّقرير والتَّقريب جميعًا، أي: أتَى على الإنسانِ قبلَ زمنٍ قريبٍ حينٌ من الدَّهر لم يكن فيهِ شيئًا مذكورًا، أي: كان شيئًا (٢) منسيًّا غيرَ مذكورٍ، أو هي للاستفهام التَّقريري لمن أنكرَ البَعث، كأنَّه قيل لمن أنكرَ البعث: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] فيقول: نعم، فيقال له: من أحدثَه (٣) وكوَّنه بعد عدمهِ؛ كيف يمتنعُ عليه بعثَه وإحياؤه بعد موتِه؟ وهو معنى قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٦٢] أي: فهلَّا تذكَّرون فتعلَمون أن من أنشأَ شيئًا بعد أن لم يكن قادرًا على إعادتهِ بعدَ موتهِ وعدمه، فهي هنا للاستفهام التَّقريري لا للاستفهام المحض، وهذا هو (٤) الَّذي يجبُ أن يكون؛ لأنَّ الاستفهام لا يَرِدُ من الباري جلَّ وعلا إلَّا على هذا النَّحو وما أشبهَه (يَقُولُ: كَانَ) الإنسانُ (شَيْئًا فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا) بل كانَ شيئًا منسيًّا غير مذكورٍ بالإنسانيَّة (وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ) والمرادُ بـ ﴿الْإِنسَانِ﴾: آدم، و ﴿حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ﴾ أربعون سنةً، أو المرادُ بالإنسانِ الجنس، وبالحينِ مدَّة الحملِ.

(﴿أَمْشَاجٍ﴾ [الإنسان: ٢]) أي: (الأَخْلَاطُ) وهي (مَاءُ المَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ) يختلِطان في الرَّحم،


(١) في (م): «لشدتنا»، وفي (ص): «بنشدتنا».
(٢) في (ب) و (د): «نسيًا».
(٣) في (د) زيادة: «بعد أن لم يكن».
(٤) في (د): «وهو هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>