للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصُماتًا، سكت، وأصْمَتَ مثله، كذا في «الصِّحاح» ولكن الشَّأن في الضَّبط من جهة الرِّواية. انتهى. ولم أره في الأصول الَّتي وقفت عليها إلَّا بالضمِّ، أي: «أو ليسكت» كما في بعض الرِّوايات، والمعنى: فلا يحلف أصلًا، وفيه: أنَّ الحلف بالمخلوق -لا لسبق لسان- مكروهٌ، كالنَّبيِّ والكعبة وجبريل والصَّحابة، وفي «الصحيحين»: «إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» [خ¦٦١٠٨] وعند النَّسائيِّ وصحَّحه ابن حبَّان: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمَّهاتكم، ولا تحلفوا إلَّا بالله». قال الإمام: وقول الشَّافعيِّ: «أخشى أن يكون الحلف بغير الله معصية» محمولٌ على المبالغة في التَّنفير من ذلك، فلو حلف به لم ينعقد يمينًا، كما صرَّح به في «الرَّوضة» فإن اعتقد في المحلوف بغير الله ما يعتقده في الله كفر، أمَّا إذا سبق لسانه إليه بلا قصد فلا كراهة، بل هو لغو يمين، وعليه يُحمَل حديث الصَّحيحين في قصَّة الأعرابيِّ الَّذي قال: لا أزيد على هذا ولا أنقص: «أفلح وأبيه إن صدق» [خ¦٤٦] [خ¦٢٦٧٨] أو هو على حذف مضافٍ، أي: وربِّ أبيه، أو هو قبل النَّهي، وضُعِّفَ، لأنَّه يحتاج إلى التَّاريخ. فإن قلت: قد أقسم الله تعالى ببعض مخلوقاته كاللَّيل والشَّمس؟ أُجيبَ: بأنَّ الله تعالى له (١) أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيهًا على شرفها.

وبقيَّة مباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في «كتاب الأيمان والنذور» [خ¦٦٦٤٦].

(٢٧) (بابُ مَنْ أَقَامَ البَيِّنَةَ بَعْدَ اليَمِينِ) الصادر (٢) من المدَّعى عليه تُقبَل بيِّنته (٣)، وهو مذهب الكوفيِّين والشَّافعيِّ وأحمد، وقال مالك في «المدوَّنة»: إن استحلفه ولا علم له بالبيِّنة ثمَّ علمها، قُبِلَت وقُضِيَ له بها، وإن علم بها فتركها (٤) فلا حقَّ له (وَقَالَ النَّبِيُّ ) فيما


(١) في (م): «بأنَّ لله تعالى».
(٢) في (ب) و (س): «الصادرة».
(٣) «بيِّنته»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) في (ب) و (س): «وتركها».

<<  <  ج: ص:  >  >>