(عَنِ ابْنِ عُمَرَ)﵄(أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) قال في «بهجة النفوس»: الغدر على عمومهِ في الجليلِ والحقيرِ، وفيه أنَّ لصاحب كلِّ ذنبٍ من الذُّنوب الَّتي يريد الله (١) إظهارها علامةٌ يُعْرف بها صاحبها. ويؤيِّده قوله تعالى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١] وظاهر الحديثِ أنَّ لكلِّ غدرةٍ لواء، فعلى هذا يكون للشَّخص الواحد عدَّة ألويةٍ بعددِ غدراتهِ، والحكمةُ في نصب اللِّواء أنَّ العقوبة تقعُ غالبًا بضدِّ الذَّنب، فلمَّا كان الغدرُ من الأمور الخفيَّة ناسبَ أن تكون عقوبته بالشُّهرة، ونصب اللِّواء أشهرُ الأشياءِ عند العرب. انتهى.
وقال غيرهُ: وفيه العملُ بظواهرِ الأمور. قال في «فتح الباري»: وهو يقتضِي حمل الآباءِ على من كان يُنسب إليه في الدُّنيا، لا على مَن هو في نفسِ الأمر، وهو المعتمدُ.
٦١٧٩ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) البيكنديُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عُيينة (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ﵂، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه (قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي) بفتح اللام والسين المهملة بينهما قاف مكسورة، وهي بمعنى خَبثت، لكنَّه ﷺ كره لفظ الخبث، واختار اللَّفظ السَّالم من البشاعةِ، وقد كان ﷺ يعجبُه الاسم الحسنُ ويتفاءلُ به، ويكرهُ الاسم القبيحَ ويغيِّره. قال في «المصابيح»: إن صحَّ هذا قدح في قولهم: إنَّه يجوزُ في كلِّ لفظين مُترادفين أن يوضعَ أحدهما مكانَ الآخر.
والحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «الأدب»، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».