للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعمش، مخالفةٌ للمصحف، ليست من طرق كتابي الذي جمعته في القراءات الأربعة عشر، وإنَّما رأيتها في كتب التَّفسير، قيل: وليس في الآية دلالة على أنَّ الله تعالى لم يُطلِع نبيَّه على حقيقة الروح، بل يَحتملُ أن يكون أطلعَه ولم يأمرْه أن يطلعَهُم، وقد قالوا في علم الساعة نحو هذا، فالله أعلم، وقد قرَّر السهيليُّ -فيما ذكره ابن كثيرٍ-: أنَّ الرُّوح هي ذاتٌ لطيفة كالهواء، ساريةٌ في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وإنَّ الرُّوح التي ينفخُها الملَك في الجنين هي النفس بشرط اتِّصالها بالبدن، واكتسابها بسببه صفاتِ مدحٍ أو ذَمٍّ، فهي إمَّا نفسٌ مطمئنةٌ، أو أمَّارةٌ بالسُّوء، كما أنَّ الماء حياة الشجر، ثم يكتسب بسبب اختلاطه معها اسمًا خاصًّا، فإذا اتصل بالعنبة وعُصِر منها صار ماء مصطارًا وخمرًا (١)، ولا يقال له: ماءٌ حينئذٍ إلا على سبيل المجاز، وهكذا لا يقال للنفس: روحٌ إلَّا على هذا النحو، وكذلك لا يقال للرُّوح: نفسٌ إلَّا على هذا النحو، باعتبار ما تَؤُولُ إليه، فحاصل ما نقول: إنَّ الرُّوح هي أصل النَّفس ومادَّتها، والنَّفس مركَّبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي مِن وجه، لا من كل وجه وهذا معنى حسن. انتهى. ثمَّ إنَّ ظاهر سياق هذا الحديث يقتضي أنَّ هذه الآية مدنيَّة، وأنَّ نزولها إنَّما كان حين سأل اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أنَّ السُّورةَ كلَّها مكِّيَّةٌ، وقد يُجاب: باحتمال أن تكون نزلت مرَّةً ثانيةً بالمدينة، كما نزلت بمكَّة قبلُ (٢).

وهذا الحديث سبق في «كتاب العلم» [خ¦١٢٥] وأخرجه أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦٧٤٥٦] [خ¦٧٤٦٢] و «الاعتصام» [خ¦٧٢٩٧]، ومسلمٌ في «التَّوبة»، والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «التَّفسير».

(١٤) هذا (بَابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠]) سقط لفظ «باب» لغير أبي ذَرٍّ.


(١) في (د): «أو خمرًا».
(٢) في (د): «نزلت مرة ثانية كما نزلت عليه قبل».

<<  <  ج: ص:  >  >>