للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعند أحمدَ: «فلم أمكثْ (١) إلَّا شهرين حتَّى وضعتُ». وفي «تفسير الطَّلاق»: «بعد زوجها بأربعين ليلةً» [خ¦٤٩٠٩]، وعند النَّسائيِّ: «بعشرين ليلةً». ورُوي غير ذلك ممَّا يتعذَّر فيه الجمع لاتِّحاد القصَّة، ولعلَّ ذلك السِّرُّ في إبهام من أبهم المدَّة (فَجَاءَتِ النَّبِيَّ فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ) واحتجوا للقائل بآخر الأجَلَين: بأنَّهما عدَّتان مجتمعتان بصفتين، وقد اجتمعتا في الحامل المُتوفَّى عنها زوجها، فلا تخرج من عِدَّتها إلَّا بيقين، واليقين آخر الأجلين.

وأُجيب بأنَّه لما كان المقصود الأصليُّ من العِدَّة براءة الرَّحم، ولا سيما فيمن تحيضُ، حصل المطلوب بالوضع.

(٤٠) (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ﴾) المدخول بهنَّ من ذواتِ الحيض (﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾) ينتظرنَ (﴿بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]) بعد الطَّلاق، وهو خبرٌ بمعنى الأمر، وأصل الكلام: ولْتتربَّص (٢) المطلَّقات، وذكر الأمر بصيغةِ الخبر تأكيدًا للأمرِ وإشعارًا بأنَّه ممَّا يجب أن يتلقَّى بالمسارعة إلى امتثاله، ونحوه قوله في الدُّعاء: رحمك الله، أخرجه في صورةِ الخبر ثقةً بالاستجابةِ، كأنَّما وُجِدَت الرَّحمة وهو مخبرٌ عنها، وفي ذكر الأنفسِ تهييجٌ لهنَّ على التَّربُّص وزيادةُ بَعْثٍ لأنَّ أنفس النِّساء طوامحٌ إلى الرِّجال، فأُمِرن أن يقمعْنَ أنفسهنَّ ويغلبنَها على الطُّموح ويجبرنَهَا على التربُّص، وقوله: ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ يتعدَّى بنفسه، لأنَّه


(١) في (س): «تمكث».
(٢) في (د): «وليتربصن».

<<  <  ج: ص:  >  >>