فإنَّهم يزعمون أنَّ النَّبيَّ ﷺ نهى عنها. قال: أي عَمْرو، وإنِّي أعطيهم وأغنيهم، وإنَّ أعلَمهم أخبرني» (-يَعْنِي: ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ، تَهْتَزُّ زَرْعًا) أي: تتحرَّك بالنَّبات وترتاح لأجل الزَّرع (فَقَالَ)﵊: (لِمَنْ هَذِهِ) الأرض؟ (فَقَالُوا: اكْتَرَاهَا فُلَانٌ. فَقَالَ)﵊: (أَمَا) بالتَّخفيف (إنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا) أي: أعطاها المالك (إِيَّاهُ) أي: فلانًا المُكْتَرِي على سبيل المِنْحة (كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ) أي: مِنْ أخذِه (عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا) لأنَّها أكثر ثوابًا، وسبق هذا الحديث في «المزارعة»[خ¦٢٣٣٠].
(٣٦) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا قَالَ) رجلٌ لآخر: (أَخْدَمْتُكَ هَذِهِ الجَارِيَةَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُ النَّاسُ) أي: على عُرْفهم في صدور هذا القول منهم، أو على عرفهم في كون الإخدام هبة أو عارية (فَهوَ جَائِزٌ) جوابُ «إذا»(وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) قال الكِرْمانيُّ: قيل: أراد به الحنفيَّة (هَذِهِ) الصيغة المذكورة بقوله: «إذا قال: أخدمتك هذه الجارية» مثلًا فهي (عَارِيَّةٌ) قال الحنفيَّة: لأنَّه صريح في إعارة الاستخدام (وَإِنْ قَالَ: كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَهوَ) ولأبي ذرٍّ: «فهذه»(هِبَةٌ) قال الله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] ولم تختلف الأمَّة أنَّ ذلك تمليكٌ للطَّعام والكسوة، فلو قال: كسوتك هذا الثَّوب مدَّة معيَّنة، فله شرطه، قاله ابن بطال وقال ابن المُنَيِّر: الكسوة للتَّمليك بلا شكٍّ؛ لأنَّ ظاهرها الأصليَّ لا يُراد، إذ أصلها لمباشرة الإلباس، لكنَّا نعلم أنَّ الغنيَّ إذا قال للفقير: كسوتُك هذا الثَّوب، لا يعني أنَّني باشرتُ إلباسك إيَّاه، فإذا تعذَّر حملُه على الوضع حُمِل على العُرْف وهو العطيَّة.
وقال الكِرْمانيُّ: قوله: «وإن قال: كسوتك … » إلى آخره، يحتمل أن يكون من تتمَّة قول الحنفيَّة، ومقصود المؤلِّف منه أنَّهم تحكَّموا، حيث قالوا: ذلك عارية وهذا هبة، ويحتمل أن يكون عطفًا على التَّرجمة.