للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كالَّذي بعدَهُ لقصدِ الاستلذَاذِ بذكرِ الله ورسولهِ، بخلافِ الدُّنيا والمرأة فإنَّ الاحتقارَ والإبهامَ فيهما أولى.

(وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا) يحصِّلها، استعارةٌ من إصابَةِ الغرضِ، والدُّنيا عند المتكلِّمينَ ما على الأرضِ والهواء، والأظهرُ أنَّها كلُّ مخلوقٍ من الجواهِر والأعراض الموجودة قبلَ الدَّار الآخرةِ، وقيل (١): المرادُ بها في الحديثِ المال ونحوهُ بدليلِ ذكرِ المرأةِ في قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا) وإفرادُهَا بعدَ دخولهَا (٢) في لفظِ «دنيَا» من باب ذكر الخاصِّ بعد العامِّ؛ لأنَّ الواقعةَ المذكورة في قصَّةِ المهاجر لتزويجِ امرأةٍ، فذكرتِ الدُّنيا مع القصَّةِ زيادة في التَّحذير. قالوا: وفيه ردٌّ على ابن مالك حيث زعمَ في «شرح عمدته»: أنَّ عطفَ الخاصِّ على العامِّ لا يكون إلَّا بالواوِ، والقصَّةُ المذكورةُ رواها سعيدُ بن منصور بإسنادٍ صحيحٍ على شرط الشَّيخين. قال: حدثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن شقيقٍ (٣)، عن عبدِ الله -هو ابنُ مسعودٍ- قال: من هاجرَ يبتغِي شيئًا فإنَّما له ذلك. هاجَرَ رجلٌ ليتزوَّجَ امرأةً يقال لها: أمُّ قيسٍ، فكان يقال له: مهاجر أمِّ قيسٍ. وليس فيه أنَّ حديث الأعمال سيقَ بسبب (٤) ذلك (فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) من الدُّنيا والمرأة حكمًا وشرعًا، كما مرَّ بما فيه من البحثِ أوَّلًا، أو الخبرُ محذوفٌ في الثَّاني، والتَّقديرُ: فهجرتُه إلى ما هاجر إليهِ من الدُّنيا والمرأة قبيحةٌ غيرُ صحيحةٍ، أو غيرُ مقبولةٍ، ولا نصيبَ له في الآخرةِ، وعورضَ بأنَّه يقتضِي أن تكون الهجرةُ مذمومةً مطلقًا، وليس كذلك، فإنَّ (٥) من ينوِي (٦) بهجرتهِ مفارقةَ دارِ الكفرِ وتزوُّج المرأةِ معًا فلا تكونُ قبيحةً ولا غيرَ


(١) «قيل»: ليست في (س) و (ص).
(٢) في (ص): «إدخالها».
(٣) في (د) و (م): «سفيان».
(٤) في (ص): «لسبب».
(٥) في (ص): «فإنه».
(٦) في (د) و (م): «نوى».

<<  <  ج: ص:  >  >>