للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن الحَمُّويي والمُستملي: «بعد قرنه» (قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً؟ قَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا) بالنَّصب اسم «إنَّ» قال العَيْنيُّ: وهي رواية النَّسفيِّ. وقال الحافظ ابن حَجَر: ولبعضهم: «قومٌ» بالرَّفع، فيحتمل أن يكون من النَّاسخ على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب. وقال العَينيُّ: مرفوعٌ (١) بفعل محذوف، أي: إنَّ بعدكم يجيءُ قومٌ (يَخُونُونَ) بالخاء المعجمة من الخيانة (وَلَا يُؤْتَمَنُونَ) لخيانتهم الظَّاهرة بحيث لا يُعْتَمَد عليهم (وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ) أي: يتحمَّلون الشَّهادة من غير تحميل، أو يؤدُّونها من غير طلب الأداء، وهذا لا يعارضه حديثُ زيد بن خالد المرويُّ في «مسلم» مرفوعًا: «ألا أخبركم بخير الشُّهداء؟ الَّذي يأتي بالشَّهادة قبل أن يُسْأَلها» لأنَّ المراد بحديث زيد مَن عنده شهادةٌ لإنسان بحقٍّ لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها ويخلِّف ورثة، فيأتي الشَّاهد إليهم أو إلى من يتحدَّث عنهم فيُعْلمهم بذلك، أو أنَّ الأوَّل في حقوق الآدميين، وهذا في حقوق الله تعالى الَّتي لا طالب لها، أو المراد بها الشَّهادة على المُغَيَّب (٢) من أمر النَّاس، يشهد على قوم أنَّهم من أهل الجنَّة بغير (٣) دليل، كما يصنع ذلك أهل الأهواء، وهذا حكاه الطَّحاويُّ (٤) وتبعه جماعة منهم الزَّرْكشيُّ، وتعقَّبه في «المصابيح» فقال: هذا مُشْكِل، لأنَّ الذَّم ورد في الشَّهادة بدون استشهاد، والشَّهادة على الغيب مذمومة مطلقًا، سواء كانت باستشهاد أو بدونه (وَيَنْذِرُونَ) بفتح حرف المضارعة وبكسر الذَّال المعجمة، ولأبي ذرٍّ: «وينذُرون» بضمِّ الذَّال (وَلَا يَفُونَ) من الوفاء (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ) بكسر السِّين المهملة وفتح الميم، أي: يعظُم حرصهم على الدُّنيا، والتَّمتع بلذَّاتها، وإيثار شهواتها، والترفُّه في نعيمها حتَّى تسمن أجسادهم، أو المراد: تَكثُّرهم بما ليس فيهم، وادِّعاؤهم الشَّرف، أو المراد: جمعهم المال، وعند التِّرمذيِّ من طريق هلال بن يساف عن عمران بن حُصَين: «ثمَّ يجيء قوم يتسمَّنون ويحبُّون السِّمن».


(١) «مرفوع»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) في (م): «الغيب».
(٣) في (د): «من غير».
(٤) هكذا في كل الأصول: «الطحاوي» ولم أجده في شرح المعاني ولا شرح المشكل ولم يعزه إليه إلا المناوي، والذي في الشروح عزو هذا الكلام للخطابي، وهو في أعلام الحديث (٢/ ١٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>