للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكون مفسِّرةً، لأنَّ «أُوحِيَ» (١) متضمِّنٌ معنى القول، وأن تكون ناصبة والجارُّ محذوفٌ (فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا) في ذلك إشارةٌ إلى حقارة أمرِهما، لأنَّ شأن الذي يُنفَخ فيذهبُ بالنفخ أن يكون في غايةِ الحقارة، قاله بعضُهم، وردَّه ابنُ العربيِّ بأنَّ أمرهما كان في غاية الشِّدَّة، لم يَنزل بالمسلمين قبلَه مثلَه، قال في «الفتح»: وهو كذلك، لكن الإشارة إنَّما هي للحقارة المعنويَّة لا الحسيَّة، وفي طيرانهما إشارةٌ إلى اضمحلال أمرهما (فَأَوَّلْتُهُمَا) أي: السوارين (كَذَّابَيْنِ) لأنَّ الكَذِبَ: وَضْعُ الشيءِ في غير موضعِه، ووضع سواري الذهب المنهي عن لبسه في يديه من وضع الشيء في غير موضعه؛ إذ هما مِن حلية النساء، وأيضًا: فالذهب مشتقٌّ مِنَ الذهاب، فعَلم أنَّه شيءٌ يذهب عنه، وتأكَّد ذلك بالأمر له بنفخهما (٢) فطارا، فدلَّ ذلك على أنَّه (٣) لا يثبت لهما أمر، وأيضًا: يتَّجه في تأويل نفخهما أنَّه (٤) قتلهما بريحه، لأنَّه لم يغزُهما (٥) بنفسِه، فأمَّا العَنْسيُّ فقتله فيروزُ الصحابيُّ بصنعاءَ في حياتِه في مرضِ موتِهِ على الصحيح، وأمَّا مسيلِمةَ فقتله وحشيٌّ قاتلُ حمزةَ في خلافةِ الصديقِ (يَخْرُجَانِ) مِنْ (٦) (بَعْدِي) استُشكل: بأنَّهما كانا في زمنه ، وأجيب بأنَّ المراد بخروجِهِما بعدَه (٧): ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة، نقله الإمام النوويُّ عن العلماء، قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظرٌ، لأنَّ ذلك كلَّه ظهر للأسود بصنعاءَ في حياته ، فادَّعى النبوَّة، وعظمتْ شوكته، وحارب المسلمين وفتك فيهم، وغلب على البلدان، وآل أمرُه إلى أنْ قُتل في حياته كما


(١) في (م): «مفسرة لأوحى».
(٢) في (د) و (ص) و (م): «في نفخهما».
(٣) في (د): «أنهما».
(٤) في غير (د) و (س): «بأنه».
(٥) في (ب): «يقربهما».
(٦) «مِن»: مثبت من (د).
(٧) في (م): «بعد».

<<  <  ج: ص:  >  >>