للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَقَالَ أَصْبَغُ) بن الفرجِ: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (ابْنُ وَهْبٍ) عبد الله (عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزاي (عَنْ أَيُّوبَ) بن أبي (١) تميمةَ (السَّخْتِيانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ) أنَّه قال: (حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبِّيُّ) (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ) مصاحبةٌ له (فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ) بهمزة قطعٍ، فصبُّوا عنه (دَمًا) شاتين بصفة الأُضْحية عن الغلامِ، وشاة عن الجاريةِ. رواه التِّرمذيُّ وأبو داود والنَّسائيُّ؛ لأنَّ الغرضَ استبقاءُ النَّفس فأشبهتِ الدِّية لأنَّ كلًّا منهما فداء للنَّفس، وتعيَّن بذكر الشَّاة الغنم للعقيقةِ، وبه جزمَ أبو الشَّيخ الأصبهانيُّ.

وقال البَنْدَنِيجيُّ من الشَّافعية: لا نصَّ للشَّافعيِّ في ذلك، وعندِي لا يجزئ غيرها، والجمهورُ على إجزاءِ الإبل والبقر أيضًا لحديث عند الطَّبرانيِّ عن أنسٍ مرفوعًا: «يعقُّ عنه من الإبلِ والبقرِ والغنمِ» (وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى) أزيلوهُ عنه بحلقِ رأسهِ، كما جزمَ به الأصمعيُّ.

وأخرجه أبو داود بسندٍ صحيحٍ عن الحسن، لكن وقعَ عند الطَّبرانيِّ من حديثِ ابن عبَّاس: «ويماطُ عنه الأذَى ويحلقُ رأسَه» فعطفه عليه، فالأولى حملُ الأذى على ما هو أعمُّ من حلق الرَّأس. ويؤيِّد ذلك أنَّ في بعضِ الطُّرق ممَّا رواهُ أبو الشَّيخ من حديث عَمرو بن شُعيب: «وتُماط عنه أقذارهُ كالدَّم والختانِ».

وقال الطِّيبيُّ: قوله: «فأهريقوا» حكمٌ مرتَّب عليه الوصفُ المناسب المشعرُ بالعلِّيَّة، أي: مقرونٌ (٢) مع الغلامِ ما هو سببٌ لإهراقِ الدَّم، فالعقيقةُ هي ما يصحبُ المولود من الشَّعر، والمرادُ بإهراق الدَّمِّ: العقيقةُ من الشَّاة، فيكون ذبح الشَّاة وإزالة الشَّعر مرتَّبين على ما يصحبُ المولود، والتَّعريف في الأذى للعهدِ، والمعهود الشَّعر.

وإليه أشارَ محيي السُّنَّة بقوله: العقيقة: اسمٌ للشَّعر الَّذي يحلقُ من رأس الصَّبيِّ عند ولادتهِ، فسمِّيت الشَّاة عقيقةً على المجاز؛ إذ كانت تُذبح عند حلاقِ الشَّعر. وتعليقُ أصبغ هذا وصلَه الطَّحاويُّ عن يونس بنِ عبد الأعلى، عن ابن وهبٍ، به. وهذه الطُّرق يقوِّي بعضها بعضًا.

والحديثُ مرفوعٌ لا تضرُّه رواية الوقف، والله الموفِّق.


(١) «أبي»: ليست في (د).
(٢) في (د): «يقرن».

<<  <  ج: ص:  >  >>