للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذَّبح للإحلال؛ كأنَّه يقول: كما أنَّ الذَّبح يحلُّ المذبوح فكذلك هذه الأشياء إذا وضعتْ في الخمرِ قامت مقام الذَّبح فأحلَّتها.

وقال البيضاويُّ: يريد أنَّها حلَّت بالحوتِ المطروح فيها وطبخها (١) بالشَّمس (٢) فكان ذلك كالذَّكاة للحيوان، وقال غيرُه: معنى ذبحتها: أبطلت فعلها.

وأخرج الحافظ أبو موسى في جزء أفرده لهذه المسألة بسندهِ عن عطية بن قيس قال: مرَّ رجلٌ من أصحاب أبي الدَّرداء ورجلٌ يتغذَّى فدعاهُ إلى طعامهِ فقال: وما طعامك؟ قال: خبزٌ ومري وزيت. قال: المري الَّذي يصنعُ من الخمرِ؟ قال: نعم، قال: هو خمرٌ، فتواعدا إلى أبي الدَّرداء فسألاه، فقال (٣): ذبحتْ خمرَها الشَّمسُ والملحُ والحيتانُ. يقول (٤): لا بأس به.

وعن ابنِ وهب سمعتُ مالكًا يقول: سمعتُ ابن شهابٍ سئل عن خمرٍ جعلتْ في قُلَّة وجعلَ فيها ملح وأخلاطٌ كثيرةٌ، ثمَّ جعلتْ في الشَّمس حتَّى عاد مُرْيًا يصطبغُ به. قال ابنُ شهابٍ: شهدتُ قبيصةَ بن ذُؤيب ينهى أن يجعلَ الخمر مُرْيًا إذا أُخذ، وهو خمرٌ.

وعن رُجْلَة (٥) مولاة معاوية قالتْ: حججنَا مع عبد الله بنِ أبي زكريا فأهدَى عبدُ الله بن أبي زكريا لعمر بن عبد العزيز المُريَ الَّذي يصنعُ بالخمر فأكلَ منه. وعن أبي هريرة أنَّه كان يقول في المري الَّذي يعمله المشركون من الخمرِ: لا بأس به، ذبحَه الملحُ.

فإن قلت: ما وجه إيراد المؤلِّف لهذا الأثر هنا في طهارة صيدِ البحر؟ أُجيب بأنَّه يريد أنَّ السَّمك طاهرٌ حلالٌ، وأنَّ طهارته وحلَّه يتعدَّى إلى غيرهِ كالملح حتَّى يصيرَ الحرام النَّجس بإضافتها إليه طاهرًا حلالًا، وهذا إنَّما يتأتَّى على القول بجوازِ تخليل الخمرِ.

وقال (٦) الحافظ أبو ذرٍّ -ممَّا رأيته بهامش «اليونينيَّة» -: إذا طرحت النِّينان في الخمرِ ذبحتَه


(١) في (ب) و (د): «طبختها».
(٢) في (ص): «الشمس».
(٣) في (ص) زيادة: «له».
(٤) في (م): «قوله».
(٥) في غير (م) و (د): «رجيلة». والصواب كما في التراجم: زجلة، يحرر.
(٦) في (د): «ثم قال».

<<  <  ج: ص:  >  >>