للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو أولى من خصوصِ السَّبب وبعموم الإذن بالمنفعةِ، ولأنَّ (١) الحيوان الطَّاهر يُنْتَفعُ به قبل الموت، فكان الدِّباغ بعد الموتِ قائمًا مقام الحياةِ. قاله في «فتح الباري».

وحكى في «التَّتمة» فيما ذكره ابن الرِّفعة في «كفايته» وجهًا عن رواية ابنِ القطَّان: إنَّ جلد الميتة لا ينجُس بالموت، وإنَّما الزُّهومة الَّتي في الجلدِ تصيِّره نجسًا فيؤمر بالدَّبغ لإزالتهَا كما يغسلُ الثَّوب من النَّجاسة، ومنع قوم الانتفاعَ من الميتة بشيءٍ سواء دُبغ الجلد أو لم يُدْبغ لحديث عبدِ الله بن عُكَيْمٍ قال: أتانَا كتاب رسولُ الله قبل موتهِ: «أن لا تنتفعُوا من الميتة بإهابٍ ولا عصبٍ» رواه النَّسائيُّ وأحمدُ والأربعةُ، وصحَّحه ابن حبَّان وحسَّنه التِّرمذيُّ، وللشَّافعي وأحمد وأبي داود: «بشهرٍ». قال (٢) التِّرمذيُّ: كان أحمدُ يذهبُ إليه ويقول: هو آخرُ الأمر، وهذا يدلُّ على أنَّ الانتفاعَ به منسوخٌ.

وأجابَ ابنُ الرِّفعة في «الكفاية شرح التَّنبيه» بأنَّ كلَّ حديثٍ نسبَ إلى كتابٍ ولم يذكر حامله فهو مرسلٌ ولا حجَّة عندنا في المرسل. قال ابنُ حجر: وأعلَّه بعضهم بكونه كتابًا وليس بعلَّةٍ قادحةٍ، وقيل: إنَّ في إسناده اضطرابًا ولذا تركهُ أحمد بعد أن قالَ: إنَّه آخر الأمر، وردَّه ابن حبَّان بأنَّ ابن عُكَيم سمعَ الكتاب يُقْرأُ وسمعه من مشايخ من جهينة (٣) عن رسولِ الله فلا اضطرابَ، وقال في «الكفاية»: يحملُ على الانتفاعِ به قبل الدِّباغ، فإنَّ لفظ الإهاب مُنْطبق عليه، وبعد الدِّباغ يطلقُ عليه أديم وسِخْتيان، والدِّباغ المحصل للطَّهارة بالشَّبِّ (٤) والقَرْظ والأشياء الحِرِّيفة (٥) المنشِّفة للفضلاتِ المعفِّنة المانعة من الفسادِ إذا أصابَه (٦) الماءُ والمطيِّبة لريحهِ كقشورِ الرُّمان والعُصْفر.

وهذا الحديث مضى في «الزَّكاة» [خ¦١٤٩٢].


(١) في (م): «بأن».
(٢) في (د): «ثم قال».
(٣) في غير (م) و (ب): «جهته».
(٤) في (ل): «بالشَّثِّ».
(٥) في (س): «الحريفية».
(٦) في (م): «أصاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>