للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) مراعاةً للأدب، وتحرُّزًا عن التَّقدُّم بين يدي الله ورسوله، وتوقفًا فيما لا يعلم الغرض من السُّؤال عنه (فَسَكَتَ) (حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟) ولابنِ عساكرَ وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «ذو الحجة» (قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ البَلْدَةَ؟) بسكون اللام، مكة الَّتي جعلها الله تعالى حرمًا (١). قال التُّوربشتيُّ: وجه تسميتهَا بالبلدةِ وهي تقعُ على سائرِ البلدان أنَّها الجامعة للخير المستحقَّة أن تسمَّى بهذا الاسم لتفوُّقها سائر مسمَّيات أجناسها تفوَّق الكعبة في تسميتِها بالبيت سائر مسمَّيات أجناسها حتَّى كأنَّها هي المحلُّ المستحقُّ للإقامة به (٢) (قُلْنَا: بَلَى) يا رسول الله (قَالَ) : (فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ) (حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟) الَّذي تُنْحَر فيه الأضاحي في سائر الأقطار، والهدايا بمنى (قُلْنَا: بَلَى) وتمسَّك به من خصَّ النَّحر بيوم العيد، ووجهه أنَّه أضافَ هذا اليوم إلى جنس النَّحر لأنَّ اللام هنا جنسيَّة فتعمُّ، فلا يبقَى نحرٌ إلَّا في ذلك اليوم، لكن قال القرطبيُّ: التَّمسُّك بإضافة النَّحر إلى اليوم الأوَّل ضعيفٌ مع قوله تعالى: (ليَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) [الحج: ٢٨]. انتهى.

وأَجاب الجمهورُ بأنَّ المراد النَّحر الكامل الفضل، والألف واللَّام كثيرًا ما تستعملُ للكمال، نحو: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ﴾ [البقرة: ١٧٧] و «إنَّما الشَّديد الَّذي يملك نفسه». ولذا قيل: اليوم الأوَّل أفضل الأيام. وقال المالكيَّة: أيَّام النَّحر ثلاثة مبدؤها يوم النَّحر بعد صلاةِ الإمام وذبحه في المصلَّى، وعند الشَّافعية: آخر وقتها غروب الشَّمس من آخر أيَّام التَّشريق لحديث: «في كلِّ أيَّام التَّشريق ذبحٌ» رواه ابن حبَّان، وقال أبو حنيفة وأحمد: يومان بعد النَّحر كقول المالكيَّة.

(قَالَ) : (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، قَالَ مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سيرين: (وَأَحْسِبُهُ) أي: وأحسب ابن أبي بكرة (قَالَ) في حديثه: (وَأَعْرَاضَكُمْ) قال التُّوربشتيُّ: أنفسكم وأحسابكم،


(١) في (ص): «حرامًا».
(٢) في (ص) و (م): «بها».

<<  <  ج: ص:  >  >>