للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَأُتِيتُ) بفاء فهمزة مضمومة، ولأبي الوقتِ: «وأتيت» «بالواو» بدل: «الفاء»، (بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ) ومفهوم العددِ لا اعتبارَ له، فلا منافاةَ بين قولهِ هنا: بثلاثة، وقولهِ في السابق: قَدَحَانِ، وأيضًا فالقدحان قبل رفعه إلى السِّدرة، وهو في بيت المقدس، والثَّلاثة بعده وهو عند السدرة: أحدها: (قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَ)، الثَّاني: (قَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَ)، الثَّالث: (قَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الفِطْرَةَ) أي: علامةَ الإسلام والاستقامةِ (أَنْتَ) تأكيدٌ للضَّمير الَّذي في أصبتَ (وَ) لتصبْ (أُمَّتُكَ) قال ابنُ المنيِّر: ذكر السِّر في عدولهِ عن الخمرِ ولم يذكرْ في عدولهِ عن العسلِ. وظاهرهُ: تفضيلُ اللَّبن على العسلِ لأنَّه الأيسرُ والأنفعُ، وهو بمجردهِ قوت وليس من الطَّيِّبات الَّتي تدخلُ في السَّرف بوجهِ، وهو أقربُ إلى الزُّهد، فكأنَّه ترك العسلَ الَّذي هو حلال لأنَّه من اللَّذائذ الَّتي يخشى على صاحبها أنْ يندرجَ في قولهِ ﷿: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا﴾ [الأحقاف: ٢٠] وأما اللَّبن فلا شبهةَ فيه ولا منافاةَ بينه وبين الورعِ بوجه، وأمَّا ما وردَ من محبَّته للعسلِ فعلى وجهِ الاقتصادِ في تناولهِ لا أنَّه جعلَه ديدنًا، والنَّبيُّ مشرِّع يفعل ما يجوزُ للبيان.

(وَقَالَ هِشَامٌ) الدَّستَُوائيُّ (وَسَعِيدٌ) هو ابنُ أبي عَرُوبة، فيما وصلَه المؤلِّف عنهما في «باب ذكر الملائكة» من «كتاب بدء الخلقِ» [خ¦٣٢٠٧] (وَهَمَّامٌ) بتشديد الميم الأولى، ابنُ يحيى، كلُّهم (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ فِي الأَنْهَارِ) أي: اتَّفقوا من متن الحديثِ على ذكر الأنهار (نَحْوَهُ) أي: نحو المذكور في الحديثِ السَّابق (١) (وَلَمْ يَذْكُرُوا) هؤلاء (٢) في روايتِهِم، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «ولم يذكر» أي: هشام (ثَلَاثَةَ أَقْدَاحٍ) في روايتهِ (٣).


(١) في (د): «الحديث المذكور السابق».
(٢) في (ص): «ولم يذكر: هو».
(٣) «في روايته»: ليست في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>