للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسح الخفِّ بعيدٌ لأنَّه يشقُّ نزعه بخلافها. انتهى. وأُجيب بأنَّ الآية لا تنفي الاقتصار على المسح عليها، لا سيَّما عند من يحمل المُشتَرك على حقيقته ومجازه؛ لأنَّ من قال: قبَّلت رأس فلانٍ، يصدق ولو كان على حائلٍ، وبأنَّ الذين أجازوا الاقتصار (١) على مسحها شرطوا فيه المشقَّة في نزعها كما في الخفِّ، وقد مرَّ، والتَّقييد «بالعمامة» مُخْرِجٌ للقَلَنْسوة ونحوها، فلا يجوز الاقتصار في المسح عليها، نعم، رويَ عن أنسٍ : «أنَّه مسح على القَلَنْسوة»، وتحصل سُنَّة مسح جميع الرَّأس عندنا بتكميله على العمامة عند عسر رفعها، أو عند (٢) عدم إرادة نزعها، وقال الأَصيليُّ -فيما حكاه عنه ابن بطَّالٍ-: ذكر «العمامة» في هذا الحديث من خطأ الأوزاعيِّ لأنَّ شيبان وغيره روَوه عن يحيى بدونها، فوجب تغليب رواية الجماعة على الواحد. انتهى. وأُجيب بأنَّ تفرُّد الأوزاعيِّ بذكر «العمامة» على تقدير تسليمه لا يستلزم تخطئته لأنَّه زيادةٌ من ثقةٍ غير منافيةٍ لغيره، فتُقبَل.

ورواة هذا الحديث السَّبعة ما بين مروزيٍّ وشاميٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة.

(وَتَابَعَهُ) بواو العطف، وللأَصيليِّ وابن عساكر: «تابعه» بإسقاطها، أي: تابع الأوزاعيَّ على رواية هذا المتن (مَعْمَرٌ) أي: ابن راشدٍ (عَنْ يَحْيَى) ابن أبي كثيرٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنْ عَمْرٍو) بالواو بإسقاط «جعفرٍ» الثَّابت في السَّابقة، وهذا هو السَّبب في سياق المؤلِّف الإسناد ثانيًا ليبيِّن (٣) أنَّه ليس في رواية مَعْمَرٍ ذكر جعفرٍ بين أبي (٤) سلمة وعمرٍو (قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ) لم يُذكَرِ (٥) المتن في هذه الرِّواية، وهذه المُتابَعَة رواها عبد الرَّزاق في «مُصنَّفه» عن مَعْمَرٍ بدون ذكر «العمامة»، وهي مُرسَلةٌ، لكن أخرجها ابن منده في «كتاب الطَّهارة» له من طريق مَعْمَرٍ بإثباتها، وأبو سلمة لم يسمع من عمرٍو، بل من ابنه (٦) جعفرٍ، فالمُتابَعة مُرسَلةٌ.


(١) في (م): «الذين اقتصروا».
(٢) «عند»: سقط من (م).
(٣) في (د): «ليتبيَّن».
(٤) «أبي»: سقط من (د).
(٥) في (د): «يذكروا».
(٦) في (د): «أبيه»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>