للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجعِ» والتَّقديرُ: بلغَ (١) بي جهدٌ من الوجعِ ثمَّ حذف الموصوف وأقام الصِّفة مقامَه. قال ابن مالكٍ: وهذا الحذفُ يكثرُ قبل «من» لدَلالتها على التَّبعيضِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٤] أي: ولقد جاءكَ نبأٌ من نبإ المرسلين (وَأَنَا ذُو مَالٍ) في موضع الحال من ضمير النَّبيِّ في «تَرى» (٢)، والرَّابطُ واو الحال، أو من فاعلِ «اشتدَّ» والجملةُ مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ (وَلَا يَرِثُنِي) بالفرضِ (إِلَّا ابْنَةٌ لِي) اسمُها أُمُّ الحكمِ (٣) الكُبرى (٤) (أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟) الهمزةُ للاستفهامِ والفعلُ معها مُستفهمٌ عنه والفاء عاطفةٌ، وقيل: زائدةٌ وكان حقَّها التَّقديمُ لكن عارضَها الاستفهامُ، وله صدر الكَلام (قَالَ) : (لَا) حرفُ جوابٍ وهي بمعناها تسدُّ مسدَّ الجُملة، أي: لا تتصدَّقْ بكلِّ الثُّلثين. قال سعدُ: (قُلْتُ: بِالشَّطْرِ) بالجار، والمرادُ به النِّصف كما في الرِّوايةِ الأخرى، ولأبي ذرٍّ: «فالشَّطر» بالفاء بدل الموحدة رفعٌ على الابتداءِ والخبرُ محذوفٌ، أي: فالشَّطر أتصدَّق به (قَالَ) : (لَا) قال سعد: (قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ) : (الثُّلُثُ كَثِيرٌ) ولأبي ذرٍّ: «قالَ: لا، الثُّلثُ والثُّلثُ كثيرٌ» فأسقطَ: «قلتُ» و «قالَ». وزادَ: «والثُّلُثُ» أي: الثُّلث تصدَّق بهِ والثُّلثُ كثير مبتدأٌ وخبر (أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «إنَّك أنْ تذَر» بالذال المعجمة، وهمزة «أن» مفتوحة على الرِّوايتين، فهي مصدريَّة ناصبةٌ للفعلِ والموضعُ رفعٌ بالابتداءِ و «خير» خبره، والجملةُ خبر إنَّ من قوله (٥): «إنَّك» ويجوزُ كسر إنَّ فهي حرفُ شرط فالفعلُ بعدها مجزومٌ، وحينئذٍ فجوابُ الشَّرط محذوفٌ، أي: فهو خيرٌ فيكون قد حذف المبتدأ مقرونًا بالفاء وأبقى الخبرَ. قال ابنُ مالكٍ: وهذا فيما زعمَ النَّحويون مخصوصٌ بالضَّرورة وليسَ كذلك، بل كثُر استعماله في الشِّعر وقلَّ في غيره، فمن ورودِهِ في غير الشِّعر


(١) في (د): «وقد بلغ».
(٢) في (د) و (ص) و (م): «تراه». قال الشيخ قطة : قوله: «في موضع الحال من ضمير النَّبيِّ … » إلى آخره، هكذا في النسخ، ولا يخفى ما فيه من التكلف، والظاهر أنها على احتمال الحالية تكون حالًا من ياء المتكلم في قوله: «بلغ بي». وقوله: «والجملةُ مستأنفةٌ» لعل الأصل: «أو الجملةُ … » بأو لا بالواو، فيكون احتمالًا آخر.
(٣) في (ب) و (س): «هي».
(٤) في (ص): «وتقدَّم ما فيه عن «الإصابة»».
(٥) في (ص) و (م) و (د): «قولك».

<<  <  ج: ص:  >  >>