للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأرض. وأجيبَ باحتمالِ أنَّ الَّذي أُنزل عليهم كان أنواعًا منَّ اللهُ تعالى عليهم بها من النَّبات، ومن الطَّير الَّذي يسقطُ عليهم من غير اصطيادٍ، ومن الطَّلِّ السَّاقط على الشَّجرِ، والمنُّ مصدرٌ بمعنى المفعول، أي: ممنونٌ به، فلمَّا لم يكن لهم فيه شائبةُ كسبٍ كان (١) منًّا محضًا، وإن كانتْ (٢) نعمُ اللهِ على عبادهِ منًّا منه عليهم، فالكمأةُ (٣) فردٌ من أفراد المنِّ.

(وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) من دائها، أو مخلوطًا (٤) بدواءٍ كالكُحلِ والتُّوتيا، وقيل: إن كان لتبريدِ ما في العين من حرارةٍ فماؤُها مجردًا شفاء وإلَّا فمركبًا، وقال النَّوويُّ: والصَّحيحُ بل (٥) الصَّوابُ أنَّ ماءَها مُجرَّدًا (٦) شفاءٌ للعين مطلقًا، وقد جرَّبتُ أنا وغيري في زماننَا ممَّن (٧) ذهب بصرُه فكحَّل عينَه بماء الكمأةِ مجرَّدًا فشُفيَ وعاد إليه بصرُه، وهو الشَّيخُ العدلُ الكمال الدِّمشقيُّ صاحبُ رواية في الحديثِ، وكان استعماله لها اعتقادًا في الحديث وتبرُّكًا به. انتهى.

وقيل: إنَّ استعمالها يكونُ بعد شيِّها واستقطارِ مائها؛ لأنَّ النَّار تلطِّفه وتُنضجه وتُذيب فضلاتهِ ورطوباتهِ الرَّديئة وتُبْقِي المنافع. وقيل (٨): المرادُ بمائها الماءُ الَّذي يحدثُ به من المطرِ، وهو أوَّلُ مطرٍ ينزلُ إلى الأرضِ، فتكون إضافة اقترانٍ لا إضافة جزءٍ. قال في «زاد المعاد»: وهذا أبعدُ الوجوهِ وأضعفُها، وفي «الطِّبِّ» لأبي نعيم عن ابن عبَّاسٍ مرفوعًا: «ضحكَتِ الجنَّةُ فأخرجَتِ الكمأةَ» ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: «من العينِ».

((٩) قَالَ شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج بالإسناد السَّابق: (وَأَخْبَرَنِي) بالإفراد (الحَكَمُ) بفتح الحاء المهملة والكاف (بْنُ عُتَيْبَةَ) بضم العين مصغَّرًا، أبو محمَّد الكنديُّ الكوفيُّ (عَنِ الحَسَنِ) بفتح الحاء، ابن عبدِ الله (العُرَنِيِّ) بضم العين المهملة وفتح الراء بعدها نون، الكوفيِّ (عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ)


(١) في (ص): «كانت».
(٢) في (د) و (ص): «كان».
(٣) في (ص): «سابقة عليهم والكمأة».
(٤) قال الشيخ قطة : هكذا في النسخ، ولعلَّ فيه سقطًا، والأصل: «مجردًا أو مخلوطًا».
(٥) في (د): «وهو».
(٦) «مجردًا»: ليست في (د).
(٧) في (د): «من».
(٨) في (م) و (د): «هل».
(٩) في (م) زيادة: «و».

<<  <  ج: ص:  >  >>