للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحصلَ له درجةُ الشَّهادة لعمومِ الأحاديث في ذلك، ولا يلزمُ المساواة بين الكاملِ والنَّاقص في المنزلةِ؛ لأنَّ درجاتِ الشَّهادة متفاوتةٌ. انتهى. ملخَّصًا منَ «الفتح».

(فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ) مسلمٍ (يَقَعُ الطَّاعُونُ) في مكانٍ هو فيه (فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ) ولا يخرجُ من البلدِ الَّتي وقع فيها الطَّاعون، حال كونه (صَابِرًا) وهو قادرٌ على الخروجِ غير منزعجٍ ولا قلقٍ، بل مسلمًا لأمرِ اللهِ راضيًا بقضائه، حال كونهِ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ (١) يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ) فلو مكثَ قلقًا مُتندِّمًا (٢) على الإقامةِ ظانًّا أنَّه لو خرج لما وقعَ به أصلًا ورأسًا، فهذا لا يحصل له أجرُ الشَّهيدِ ولو مات بالطَّاعون. قال في «الفتح»: ويدخلُ تحته ثلاث صورٍ من اتَّصفَ بذلك فوقع به الطَّاعونُ فماتَ به، أو وقع به ولم يمتْ به، أو لم يقعْ به أصلًا وماتَ بغيرهِ عاجلًا أو آجلًا، ومفهومُ الحديثِ أنَّ من لم يتَّصف بالصِّفات المذكورةِ لا يكونُ شهيدًا ولو وقع الطَّاعونُ (٣) ومات به فضلًا عن أن يموت بغيرهِ، وذلك (٤) ينشأُ عن شؤمِ الاعتراضِ الَّذي ينشأُ عنه التَّضجُّر والتَّسخُّط لقدر الله وكراهة لقائهِ، والتَّعبير بالمثليَّة في قوله: «مثل أجر الشَّهيدِ» مع ثبوت التَّصريحِ بأنَّ من مات بالطَّاعون كان شهيدًا يحتملُ أن من لم يمُت من هؤلاء بالطَّاعون يكون له مثلُ أجر الشَّهيدِ وإن لم يحصل له درجة الشَّهادةِ بعينها، فإنَّ من اتَّصف بكونه شهيدًا أعلى درجة ممَّن وعد بأنَّه يُعطى مثلُ أجر الشَّهيد.

وفي «مسند أحمد» بسندٍ حسنٍ عن العرباض بنِ ساريةَ مرفوعًا: «تختصمُ الشُّهداءُ والمتوفَّون على فرشهِم إلى ربِّنا ﷿ في الَّذين ماتُوا بالطَّاعون، فيقول الشُّهداءُ: إخواننا (٥) قتِلوا كما قُتلنَا، ويقولُ المتوفَّونَ على فرشِهِم: إخوانُنَا ماتُوا على فرشهِم كما متنَا، فيقولُ ربُّنا تعالى: انظرُوا إلى جراحِهِم (٦) فإن أشبهَتْ جراح (٧) المقتولينَ فإنَّهُم منهُم ومعهُم، فإذَا جراحهُم قد


(١) في (م) و (د): «لا».
(٢) في (م): «أو متندمًا».
(٣) في (د) زيادة: «به».
(٤) في (م): «لكن».
(٥) قوله: «إخواننا» زيادة من المسند (١٧١٥٩).
(٦) في (م) و (د): «جراحاتهم».
(٧) في (م): «جراحات».

<<  <  ج: ص:  >  >>