للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثبت قوله: «أنَّه كانَ» في رواية أبي ذرٍّ، وفي روايةِ ابن عُيينة في الباب التَّالي «كان يرى أنَّه يأتي النِّساء ولا يأتيهنَّ» [خ¦٥٧٦٥] وحينئذٍ فلا تمسُّك لبعض المبتدعةِ بقوله: إنَّه يخيَّلُ إليه أنَّه يفعلُ الشَّيء وما فعله الزَّاعم أنَّ الحديث باطل لاحتمال أن يخيَّل إليه أنَّه يرى (١) جبريل وليس هو ثمَّة (٢)، وأنَّه يُوحى إليه بشيءٍ ولم يُوح إليه بشيءٍ. قال المازريُّ (٣): وهذا كلُّه مردودٌ، فقد قام الدَّليلُ على صدقهِ فيما يبلِّغُه عن الله، وعلى عصمتهِ في التَّبليغ، فما حصل لهُ من ضرر السِّحر ليس نقصًا فيما يتعلَّقُ بالتَّبليغ، بل هو من جنسِ ما يجوزُ عليه من سائرِ الأمراضِ (حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ -أَوْ: ذَاتَ لَيْلَةٍ-) من إضافةِ المسمَّى إلى الاسم، أو ذات مقحمةٍ للتَّأكيد، والشَّكُّ من الرَّاوي (وَهْوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا) أي: لكنَّهُ لم يكُن مُشتغلًا بي بل بالدُّعاء، والمستدرك منه هو قوله: وهو عندي، أو قولهُ: كان يخيَّلُ إليه، أي: كان السِّحر أثَّر في بدنهِ لا في عقلهِ وفهمهِ بحيثُ إنَّه توجَّه إلى الله تعالى ودعا على الوضع الصَّحيح والقانون المستقيم، قاله في «الكواكب الدَّراري» (ثُمَّ قَالَ) : (يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ) أي: أَعَلِمْتِ (أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ) أي: أجابني فيما دعوته، أو المعنى أجابَني عمَّا سألتُه عنه لأنَّ دُعاءه كان أن يُطلعه على حقيقةِ ما هو فيه لمَّا اشتبه عليه من الأمرِ (أَتَانِي رَجُلَانِ) أي: ملكان، كما عند الطَّبرانيِّ، وعند ابن سعدٍ في رواية منقطعة أنَّهما جبريلُ وميكائيلُ (فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ) جزم الدِّمياطيُّ في «سيرته» بأنَّ الَّذي قعدَ عند رأسهِ جبريل (فَقَالَ أَحَدُهُمَا) وهو جبريل أو ميكائيل، قيل: وهو أصوب (لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟) أي: النَّبيِّ (فَقَالَ: مَطْبُوبٌ) بالطاء المهملة الساكنة والباءين الموحدتين، أي: مَسحور، قيل: كَنُّوا عن السِّحر بالطِّبِّ تفاؤلًا كما قالوا للَّدِيغ: سَليم (قَالَ: مَنْ طَبَّهُ) من سحرَهُ؟ (قَالَ): طبَّه (لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِي أَيِّ شَيْءٍ؟) طبَّه (قَالَ: فِي مُشْطٍ) بضم الميم وسكون المعجمة، الآلةُ الَّتي يسرَّح بها شعر الرَّأس واللِّحية (وَمُشَاطَةٍ) بضم الميم وفتح المعجمة، مخففة، وبعد الألف طاء مهملة، ما يخرُج من الشَّعر عند التَّسريح، وفي حديث ابن عبَّاس من شعر رأسهِ، ومن أسنان مُشْطه، ورواه البيهقيُّ (وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ) بضم


(١) في (ب): «رأى».
(٢) في (ص): «ثم».
(٣) في (م): «قاله الماوردي».

<<  <  ج: ص:  >  >>