للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ) بفتح الهمزة وسكون الراء، وسقط لأبي ذرٍّ لفظة «ذي» فعلى الأول فهو من إضافةِ الشَّيء لنفسه. قيل: والأصل أروان، ثمَّ لكثرةِ الاستعمال سُهِّلت الهمزة فصارتْ ذروان بالذَّال المعجمة بدل الهمزة (قَالَ: فَذَهَبَ النَّبِيُّ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى البِئْرِ) سبقَ ذكرُ من حصل (١) ذلك منهم [خ¦٥٧٦٣] (فَنَظَرَ إِلَيْهَا) (وَعَلَيْهَا نَخْلٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا) في بشاعةِ منظرها وخُبثها (رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَأَخْرَجْتَهُ؟) أي: صورة ما في الجبِّ من المُشطِ والمُشاطة وما رُبط به (قَالَ: لَا) فهو مستخرجٌ من البئرِ غير مستخرجٍ من الجفِّ جمعًا بين النَّفي والإثبات في الحديثين (أَمَّا) بالتَّشديد (أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ) منه (وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا) باستخراجه من الجفِّ لئلَّا يَرَوه فيتعلَّموه (٢) إن أرادوا استعمال السِّحر (وَأَمَرَ) (بِهَا) بالبئر (فَدُفِنَتْ) وعند أبي عُبيد من مرسل عبد الرَّحمن بن أبي ليلى: «احتجم النَّبيُّ على رأسهِ بقَرْنٍ (٣) حين طُبَّ». قال أبو عبيد: يعني سُحِر (٤). قال ابن القيِّم: بنى النَّبيُّ الأمر أوَّلًا على أنَّه مرض، وأنَّه عن مادة سالت (٥) إلى الدِّماغ وغلبتْ على البطن المقدَّم منه فغيَّرت مزاجه، فرأى الحجامةَ لذلك مناسبة، فلمَّا أُوحِيَ إليه أنَّه سِحْرٌ عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه. قال: ويحتملُ أنَّ مادة السِّحر انتهتْ إلى إحدى قوى الرَّأس حتَّى صار يخيَّل إليه ما ذُكر، فإنَّ السِّحر قد يكون من تأثيرِ الأرواح الخبيثةِ، وقد يكون من انفعال الطَّبيعة وهو أشدُّ السِّحر، واستعمال الحجم لهذا الثَّاني نافع؛ لأنَّه إذا هيَّج الأخلاطَ وظهرَ أثرُه في عضو كان استفراغُ المادَّة الخبيثةِ نافعًا في ذلك. وقال الحافظُ ابن حجرٍ: سلكَ النَّبيُّ في هذه القصَّة مسلكَيْ التَّفويض وتَعَاطي الأسباب، ففي أوَّل الأمر فوَّض وأسلمَ لأمر ربِّه (٦)، واحتسبَ الأجر في صبرهِ على بلائه، ثمَّ لمَّا تمادى


(١) في (د): «حضر».
(٢) في (ص): «فيستعملون»، وفي (د): «فيتعلمون».
(٣) في (س) زيادة: «يعني».
(٤) «يعني سحر»: ليست في (س).
(٥) في (د): «ساكن».
(٦) في (د): «الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>