للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأنزلَ الله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً﴾ الاية [البقرة: ٨٠]. وقد ذكروا في الأيَّام المعدودةِ وجهين الأوَّل: إنَّ لفظة الأيَّام لا تُضاف إلَّا إلى العشرة فما دونها (١)، ولا تُضاف إلى ما فوقها (٢) فيقال: أيَّام خمسة وأيَّام عشرة، ولا يقال: أيَّام إحدى عشرة (٣)، ويشكلُ على هذا قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ إلى أن قال: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وهي أيَّام الشَّهر كلِّه، وهي أزيدُ من العشرة. قال بعضُهم: وإذا ثبتَ أنَّ الأيَّام محمولةٌ على العشرة فما دونها فالأشبهُ أنَّه الأقلُ أو الأكثرُ؛ لأنَّ من يقول: ثلاثةٌ يقول: أحمله على أقل الحقيقة فله وجه، ومن يقول: عشرة يقول: أحمله على الأكثر وله وجه، وأمَّا حمله على أقلِّ من العشرة وأزيد من الثَّلاثة فلا وجه له؛ لأنَّه ليس عدد أولى من عددٍ، اللَّهمَّ إلَّا إذا جاءت في تقديرها رواية صحيحةً فحينئذٍ يجبُ القول بها، وقد روي من طريق ابن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهدٍ، عن ابن عبَّاس أنَّ اليهود كانوا يقولون: هذه الدُّنيا سبعة آلاف سنةً، وإنَّما نُعذَّب بكلِّ ألف سنةٍ يومًا في النَّار، وإنَّما هي سبعة أيَّامٍ، فنزلت. قال الحافظ ابنُ حجر: وهذا سندٌ حسنٌ. وقال الحسن وأبو العالية: قالتِ اليهود: إنَّ ربنا عتبَ علينا في أمرٍ فأقسم ليعذبنا أربعين يومًا، ولن (٤) تمسَّنا النَّار إلَّا أربعين يومًا تحلَّة القسم، فكذَّبهم الله تعالى بما أنزلَ من هذه الآية، وقالت طائفة: إنَّ (٥) اليهودَ قالت (٦): إنَّ في التَّوراة: إنَّ جهنم مسيرة أربعين سنةً، وأنَّهم يقطعون في كلِّ يومٍ سنةً حتَّى يكمِّلوها وتذهب جهنَّم. رواه الضَّحَّاك عن ابن عبَّاس.

(ثُمَّ قَالَ) (لَهُمْ: فَهَلْ) ولأبي ذرٍّ: «هل (٧)» (أَنْتُمْ صَادِقِيَّ) بتشديد الياء، وللأربعة: «صادقوني» كما سبق (٨) (عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا) ولأبي ذرٍّ: «فقالوا»: (نَعَمْ، فَقَالَ:


(١) في (م): «فوقها».
(٢) في (م): «دونها».
(٣) في (د): «عشر».
(٤) في (د): «فلن».
(٥) في (م): «من».
(٦) في (ب) و (س): «قالوا».
(٧) في (ص): «وهل».
(٨) في (د): «كما مر».

<<  <  ج: ص:  >  >>