للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَ) خامسها (قَصُّ الشَّارِبِ) وهو الشَّعر النَّابت على الشَّفَة، وهو عند النَّسائيِّ بلفظ «الحلق» لكنَّ أكثر الأحاديث بلفظ «القص» وعند النَّسائيِّ من طريق سعيدٍ المقبريِّ، عن أبي هريرة بلفظ: «تقصير الشَّارب» نعم، في حديث ابن عمر في الباب التَّالي: «واحْفوا الشَّوارب» [خ¦٥٨٩٢] وفي الباب الَّذي بعده: «انْهَكُوا الشَّوارب» [خ¦٥٨٩٣]، وفي مسلم: «جزُّوا الشَّوارب» وهي تدلُّ على أنَّ المطلوب المبالغة في الإزالة لأنَّ (١) الإحفاء الإزالةُ والاستقصاء، والإنهاك المبالغةُ في الإزالةِ، والجزُّ قصُّ الشَّعر إلى أن يبلغَ الجلد.

قال في «شرح المهذَّب» وهو مذهبُ الشَّافعيَّة، وكان المزنيُّ والرَّبيع يفعلانهِ (٢). قال الطَّحاويُّ: وما أظنُّهما أخذا ذلك إلَّا عنه. ونُقل عن الإمام أحمد ابن حنبل وأبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف واختاره النَّوويُّ أنَّه يقصُّه حتَّى يبدو طرف الشَّفة، ولا يُحفيه من أصلهِ، ونقل ابنُ القاسم عن مالكٍ أنَّ إحفاء الشَّارب مُثْلَةٌ، وأنَّ المراد بالحديث المبالغةُ في أخذ الشَّارب حتَّى يبدو طرف الشَّفة. وقال أشهبُ: سألت مالكًا عمَّن يُحفِي شاربَهِ، فقال: أرى أنْ يُوجع ضربًا.

وقوله: «الفطرة خمس» ظاهره الحصرُ، والحصرُ يكون حقيقيًّا ومجازيًّا، فالحقيقيُّ كقوله: العالم في البلد زيد، إذا لم يكن فيه غيره، ومن المجازي (٣) «الدِّين النَّصيحة»، قاله ابنُ دقيق العيد. ودَلالة مِنْ على التَّبعيض فيه؛ أي (٤) في قوله: «أو خمس من الفطرة» أظهرُ من دَلالة الرِّواية الأولى على الحصرِ، فليس الحصرُ مرادًا هنا بدَلالة حديث عائشةَ عند مسلم: «عشرٌ من الفطرة» فَذَكَر الخمسةَ الَّتي في حديث الباب إلَّا الختان، وزادَ «إعفاءَ اللِّحية، والسِّواك، والمضمضة والاستنشاق، وغسل البراجم، والاستنجاء». وعند أحمد وأبي داود وابن ماجه من حديث عمَّار بن ياسر مرفوعًا زيادة الانتضاح. وفي تفسير عبد الرَّزَّاق والطَبريِّ من طريقهِ بسندٍ صحيحٍ عن طاوس، عن ابن عبَّاس في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] ذكر العشر (٥). وعند ابنِ أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عن ابن عبَّاس «غُسْل الجمعة». ولأبي عوانة في


(١) في (د): «ولأن».
(٢) في (ص) و (م) و (د): «يفعلونه».
(٣) في (د): «المجاز».
(٤) «فيه أي»: ليست في (د).
(٥) في (د): «الفرق».

<<  <  ج: ص:  >  >>