للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمرادُ بالملائكة الَّذين ينزلون بالرَّحمة والمستغفرون (١) للعبد، أمَّا الحفظة فإنَّهم لا يفارقون المكلَّف في كلِّ حالٍ، كما جزم به الخطابيُّ وغيره، وأجابَ عن الأوَّل بجواز أن لا يدخلوا بأن يكونوا على بابِ البيت مثلًا، ويطلعُهم الله تعالى على عملِ العبد ويسمعُهم قوله، والمرادُ بالبيت المكان الَّذي يستقرُّ فيه الإنسان سواء كان بيتًا أو خيمة أو غيرهما، وظاهر قوله: «كلب» العموم لأنَّه نكرةٌ في سياق النَّفي فيعمُّ وإليه ذهب النَّوويُّ والقرطبيُّ، واستثنى الخطابيُّ وغيره الكلاب الَّتي أذن الشَّارع في اتِّخاذها وهي الَّتي للصَّيد والزَّرع والماشية، وسببُ عدم الدُّخول قيل: لنجاسةِ عين الكلبِ. وعورض بأنَّ الخنزيرَ أشدُّ نجاسةً منه للنصِّ الوارد فيه، وقيل: لكونهِ يُكثِر أكلَ النَّجاسات، وعورضَ بأنَّ السِّنَّور أيضًا يُكثِرُ أكلها، وقيل: لكونه من الشَّياطين. وعورض بأنَّه لا يخلو بيتٌ من الشَّياطين، ومع هذا لم يردِ امتناع الملائكةِ من الدُّخول في بيتٍ فيه هرَّة ولا خنزير ولا غيرهما (وَلَا) تدخلُ الملائكة بيتًا فيه (تَصَاوِيرُ) ممَّا يشبه الحيوان ما لم تقطعْ رأسه، أو يُمتهن أو عام في كلِّ الصُّور، وسبب الامتناعِ كونها معصيةً فاحشة إذ فيها مضاهاة لخلق الله، وبعضُها في صورة ما يُعبدُ من دون الله، وفي «بدء الخلق» [خ¦٣٢٢٥] «ولا صورة» بالإفراد، وكان الأصلُ أن يقول: لا تدخل (٢) بيتًا فيه كلبٌ وتصاوير، بغير إعادة حرف النَّفي؛ لكنَّه أعاده للاحتراز من توهُّم القصر في عدم الدُّخول على اجتماع الكلب والصُّورة نحو قولك: ما كلَّمت زيدًا ولا عمرًا إذ لو حذفت لأجاز أن يكون كلَّم أحدهما؛ لأنَّ الواو للجمع فلمَّا أعيد حرف النَّفي صار التَّقدير ولا تدخل الملائكة بيتًا فيه تصاوير، كما سبق.

وهذا الحديثُ سبق في «بدء الخلق» (٣) [خ¦٣٢٢٥] وفي «المغازي» [خ¦٤٠٠٢]، وأخرجهُ مسلمٌ في «اللِّباس».

(وَقَالَ اللَّيْثُ) بنُ سعد بنِ عبد الرَّحمن الفهميُّ، أبو الحارث المصريُّ الإمام المشهور، فيما وصله أبو نُعيمٍ في «مستخرجه» (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (٤)، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بن عبد الله بنِ عتبة بن مسعودٍ، أنَّه (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ) يقول: (سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ) يقول: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ ) ووجه


(١) في (د): «والمستغفرين».
(٢) في (د) زيادة: «الملائكة».
(٣) في (د): «بدء الوحي».
(٤) «الزهري»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>