للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلتَ: ليس في الحديث ذكر ما ترجمَ به وهو الغيبة. أَجاب السَّفاقِسيُّ: بأنَّ الجامع بينهما ذكر ما يكرهه المقولُ فيه بظهرِ الغيب. انتهى. أو أشار إلى ما في بعض طرقِ الحديث بلفظ الغيبة، رواه البخاريُّ في «الأدب المفرد» من حديث جابر، وأحمد والطَّبرانيِّ بإسنادٍ صحيح، من حديث أبي بكرةَ، ولفظهما: «وما يعذَّبان إلَّا في الغيبةِ». وأحمد والطَّبرانيُّ أيضًا من حديث يَعلى بن سيابة (١) بلفظ إنَّ النَّبيَّ مرَّ على قبر يُعذَّب صاحبُه، فقال: «إنَّ هذا كانَ يأكلُ لحومَ النَّاس». (ثُمَّ دَعَا) (بِعَسِيبٍ رَطْبٍ) بفتح العين وكسر السين المهملتين، سَعَف لم ينبتْ عليه خُوصٌ، و «رَطْب» -بفتح الراء وسكون الطاء المهملة- (فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ) الباء زائدة في الحال، والحال هنا مقدَّرة كقولهِ تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ﴾ [الفتح: ٢٧] وعند الدُّخول لا يكونون (٢) محلِّقين، كما أنَّ العصا عند شقِّها لا تكون نصفين (فَغَرَسَ عَلَى هَذَا) القبرِ نصفًا (وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا) القبر نصفًا (وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ) بعد أن قالوا: لم فعلتَ هذا يا رسول الله؟ (لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ) ولأبي ذرٍّ: «أن يخفَّفَ» (٣) (عَنْهُمَا) العذاب (مَا لَمْ يَيْبَسَا) و «ما» ظرفية مصدريَّة، أي: مدَّة انتفاءِ (٤) يُبْسهما، فحذف الظَّرف وخَلَفَه ما وصلتها، كما جاءَ في المصدر الصَّريح في قولهم: جئتك صلاة العصر، وأتيتك قدوم الحاجِّ. فقوله: «لم يَيْبَسا» في موضع جرٍّ؛ لأنَّ التَّقدير: مدَّة دوامِ رطوبتهما، فلو جاء الكلام لعلَّه يخفَّف عنهما ما (٥) ييبسان، لم يصحَّ المعنى؛ لأنَّ التَّأقيت يصير مقدرًا بمدَّة اليبس، وليس هو المراد لأنَّ سرَّ ذلك تسبيحهما ما دامتا رطبتين (٦).

وسبق الحديث في «الطَّهارة» [خ¦٢١٦] [خ¦٢١٨] و «الجنائز» [خ¦١٣٦١] [خ¦١٣٧٨] مع مباحث غير


(١) في الأصول: «شبابة» والتصحيح من مصادر التخريج.
(٢) في (ع) و (ص): «يكونوا».
(٣) قوله: «ولأبي ذرٍّ أن يخفف»: ليس في (د).
(٤) في (د): «انقضاء».
(٥) في (د) و (ص) و (ع): «ما لم».
(٦) في (ب) و (س): «داما رطبين».

<<  <  ج: ص:  >  >>