للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية ابن عُيينة عن الأسودِ، عن جُنَدب: كنتُ مع النَّبي في غارٍ. وفي روايةِ شعبة (١)، عن الأسود -عند الطَّيالسيِّ وأحمد-: خرج إلى الصَّلاة (إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ) بفتح العين المهملة والمثلثة، أي: سقطَ (فَدَمِيَتْ) بفتح الدال المهملة وكسر الميم وفتح التحتية (إِصْبَعُهُ، فَقَالَ) متمثِّلًا بقول عبد الله بن رواحة: (هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ) بكسر التاء الفوقية في آخر القسمين (٢) على وفق الشِّعر. وقال الكِرْمانيُّ: والتاء في الرَّجز مكسورةٌ وفي الحديث ساكنةٌ. وقال غيره: إنَّ النَّبيَّ تعمَّد إسكانهما ليخرج القسمين عن الشِّعر، وردَّ بأنَّه يصيرُ من ضربٍ آخرَ من الشِّعر، وهو من ضروبِ البحر الملقَّب بالكاملِ، وفي الثَّاني زحاف جائز. قال القاضي عياض: وقد غفلَ بعض النَّاس فروى دَمِيت ولَقِيت بغير مدٍّ، فخالف الرِّواية؛ ليسلم من الإشكال، فلم يُصِب.

وقال في «شرح المشكاة»: قوله: «دميت» صفةُ «إصبع»، أي: ما أنت يا إصبعُ موصوفةٌ بشيءٍ من الأشياء إلَّا بأن دميتِ، كأنَّها لَمَّا توجَّعت خاطبها على سبيلِ الاستعارة، أو الحقيقة معجزة مسلِّيًا لها، أي: تثبَّتي على نفسك، فإنَّكِ ما ابتُليتِ بشيءٍ من الهلاكِ والقطعِ سوى أنَّك دُميتِ، ولم يكن ذلك هدرًا بل كان في سبيل الله ورضاه، وقد ذكر ابنُ أبي الدُّنيا في «محاسبة النفس»: أنَّ جعفرَ بن أبي طالبٍ لَمَّا قُتل في غزوةِ مُؤْتَةَ بعد أن قُتل زيدُ بن حارثة، وأخذ اللِّواء عبدُ الله بن رواحة فقاتلَ فأصيبتْ إصبعه فارتجزَ، وجعل يقول: هل أنت إلَّا إصبعٌ … إلى آخره، وزاد:

يَا نَفْسُ إِلَّا تُقْتَلِي تَمُوْتِي … هَذَا (٣) حِيَاضُ المَوْتِ قَدْ صَلِيْتِ

وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيْتِ … إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيْتِ

والصَّحيح أنَّه يجوز له أن يتمثَّل بالشِّعر وينشدهُ حاكيًا له عن غيرهِ.

والحديثُ مضى في «الجهاد» [خ¦٢٨٠٢].


(١) في (س): «ابن شعبة».
(٢) في (د) زيادة: «مكسورة».
(٣) في (ب) و (س): «هذي».

<<  <  ج: ص:  >  >>