للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٨١ - وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) المخزوميُّ مولاهم المصريُّ (١)، واسم أبيه: عبدُ الله، ونسبه لجدِّه لشهرته به قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ، الإمام (عَنْ يُونُسَ) بن يزيد الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّدِ بن مسلمٍ الزُّهريِّ، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : قَالَ اللهُ) تعالى: (يَسُبُّ بَنُو آدَمَ الدَّهْرَ) اللَّيل والنَّهار بأن يقولوا نحو: يا بُؤس الدَّهر، أو يا خيبة الدَّهر؛ لأنَّهم كانوا يزعمون أنَّ مرور الأيَّام واللَّيالي هو المؤثِّر في هلاكِ الأنفس (٢)، ويُنكرون ملك الموت وقبضهُ الأرواحَ بأمر الله، ويضيفون كلَّ حادث يحدث (٣) إلى الدَّهر والزَّمان، وأشعارهم ناطقةٌ بشكوى الزَّمان، وهذا مذهب الدَّهريَّة من الكفَّار، والدَّهريَّةُ المنكرون للصَّانع المعتقدون أنَّ في كلِّ ثلاثين ألف سنةٍ يعود كلُّ شيءٍ إلى ما كان عليه، ويزعمون أنَّ هذا قد تكرَّر مرَّات لا تتناهى، فكابروا العقول وكذَّبوا المنقول ووافقَهم مشركو العرب، وإليه ذهبَ آخرون، ولكنَّهم مُعترفون بوجودِ الصَّانع الإله الحقِّ ﷿، ولكنَّهم كانوا ينزِّهون أنَّ تنسب إليه المكارهُ (٤) ويُضِيفونها (٥) إلى الدَّهر، فكانوا كذلك (٦) يسبُّون الدَّهر، وفي «تفسير سورة الجاثية» قال الله تعالى: «يُؤذيني ابنُ آدم يسبُّ الدَّهر» [خ¦٤٨٢٦] (وَأَنَا الدَّهْرُ) أي: خالقهُ، أو المدبِّر للأمورِ، أو مقلِّب الدَّهر، ولذلك (٧) عقَّبه بقولهِ: (بِيَدِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ) وعند أحمدَ من وجهٍ آخر، بسندٍ صحيحٍ، عن أبي هريرة: «لا تسبُّوا الدَّهر فإنَّ الله تعالى قال: أنا الدَّهر الأيام واللَّيالي لي (٨) أجدِّدها وأُبْليها وآتي بملوكٍ بعدَ ملوك» فإذا سبَّ ابن آدم الدَّهر على أنَّه فاعل هذه الأمور عاد السَّبُّ إلى الله؛ لأنَّه هو الفاعل، والدَّهر إنَّما هو ظرفٌ لمواقع هذه الأمور، فالمعنى: أنا مصرِّف الدَّهر، فحذف اختصارًا للَّفظ واتِّساعًا في المعنى.


(١) في (ع) و (د): «البصريّ» وهو خطأ.
(٢) في (ب): «النفس».
(٣) في (ع) و (د): «حادثة تحدث».
(٤) في (ع): «الكائنات».
(٥) في (د): «فيضيفونها».
(٦) في (ع): «لذلك».
(٧) في (ع): «لذا».
(٨) قوله: «لي» ليس في (د)، والمثبت موافق لما في المسند والفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>