للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يجزْ لأنَّها (١) صيغةُ جوابٍ، قال: والأَولى الجواز لحصولِ مسمَّى السَّلام (فَقَالُوا) له الملائكة: (السَّلَامُ عَلَيْكَ) استُدلَّ به على جواز أن يقعَ الرَّدُّ باللَّفظ الذِّي ابتدئ به كما مرَّ، ويأتي مزيدٌ لذلك قريبًا إن شاء الله تعالى، ولأبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: «عليك السَّلام» (وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ) الملائكة (٢) (وَرَحْمَةُ اللهِ) وهو مستحبٌّ اتِّفاقًا، فلو زادَ المبتدئُ رحمة الله، استُحبَّ أن يُزاد: وبركاتُه، ولو زاد: وبركاته، فهل تشرعُ الزِّيادة في الرَّدِّ؟ وكذا لو زادَ المبتدئُ على بركاته، هل يشرعُ له ذلك؟ عن ابن عبَّاسٍ ممَّا في «الموطأ» قال: انتهى السَّلام إلى البركة، وعن ابنِ عمر الجواز ففي «الموطأ» عنه أنَّه زاد في الجواب والغاديات والرَّائحات، وفي «الأدب المفرد» عن سالمٍ مولى ابن عمر أنَّه أتى ابن عمر مرَّةً، فقال: السَّلام عليكم، فقال: السَّلام عليكم ورحمة الله، ثمَّ أتيته فزدته وبركاته، فردَّ وزادني وطيِّب صلواته، واتَّفقوا على وجوب الرَّدِّ على الكفايةِ.

قال الحليميُّ (٣): وإنَّما كان الرَّدُّ واجبًا؛ لأنَّ السَّلام معناه الأمان، فإذا ابتدأَ به المسلم أخاهُ فلم يُجبه، فإنَّه يتوهَّم منه الشَّرَّ، فيجبُ عليه دفع ذلك التَّوهم عنه (فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ) هو مرتَّبٌ على ما سبق من قوله: «خلَقَ الله آدمَ على صورتهِ» فالفاء فصيحةٌ، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: «يعني: الجنَّة». قال في «الفتح»: وكأنَّ لفظ «الجنَّة» سقط فزيد فيه يعني (عَلَى صُورَةِ آدَمَ) خبر المبتدأ الَّذي هو فـ «كلُّ من» (فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ) من طولهِ وجمالهِ (بَعْدُ) أي: بعدَ آدم (حَتَّى الآنَ) فإذا دخلُوا عادوا (٤) إلى ما كان عليه أبوهُم من الحسنِ والجمالِ وطولِ القامة. قيل: وقوله: «فلم يزلْ … » إلى آخره، هو معنى قوله تعالى (٥): ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين: ٤ - ٥] قيل: إنَّ (٦) في الحديث أنَّ الملائكة يتكلَّمون بالعربيَّة، وعُورض


(١) في (ع) و (د): «لأنَّه».
(٢) «الملائكة»: ليست في (ص).
(٣) في (ع): «الحكيم».
(٤) في (د): «دخلوا الجنة عادوا».
(٥) «تعالى»: ليست في (د).
(٦) في (ع) و (د): «و».

<<  <  ج: ص:  >  >>