للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ) الزُّهريِّ مولاهم المدنيِّ، الإمام القدوة، ومَن يُستسقى (١) بذكره (عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ) الهلاليِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ، أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ) تعظيمًا له وتوقيرًا، ولم يقع تسليم الصَّغير على الكبير في «صحيح مسلم». قال في «الفتح»: وكأنَّه لمراعاة حقِّ (٢) السِّنِّ، فإنَّه معتبرٌ في أمورٍ كثيرةٍ في الشَّرع، فلو تعارضَ الصِّغر المعنويُّ والحسِّيُّ كأن يكون الأصغرُ أعلم مثلًا لم أرَ فيه نقلًا، والَّذي يظهر اعتبار السِّنِّ؛ لأنَّه الظَّاهر، كما تُقَدَّم الحقيقةُ على المجاز، ونقل ابنُ دقيق العيد عن ابن رشدٍ: أنَّ محلَّ الأمر في تسليم (٣) الصَّغير على الكبير إذا التقيا، فإن (٤) كان أحدهما ماشيًا والآخر راكبًا بدأ الرَّاكب، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصَّغير (وَ) يسلِّم (المَارُّ) ماشيًا كان أو راكبًا، صغيرًا أو (٥) كبيرًا، قليلًا أو كثيرًا (عَلَى القَاعِدِ) تشبيهًا بالدَّاخل على أهلِ المنزل.

وفي حديث فُضالة بن عُبيدٍ عند البخاريِّ في «الأدب المفرد»، والتِّرمذيِّ وصحَّحه، والنَّسائيِّ، وصحَّحه ابن حِبَّان: «يسلِّم الفارسُ على الماشِي، والماشِي على القائمِ … » الحديثَ. ولو تلاقى مارَّان رَاكبان أو مَاشيان؟ قال المازريُّ: يبدأ الأَدنى منهما الأعلى قدرًا في الدِّين إجلالًا لفضلهِ؛ لأنَّ فضيلةَ الدِّين مرغَّبٌ فيها في الشَّرع، وعلى هذا لو التقى راكبان ومركوبُ أحدِهما أعلى في الحسِّ من مركوبِ الآخر كالجملِ والفرس يبدأ صاحبُ الفرس، أو يُكتفى بالنَّظر إلى أعلاهما قدرًا في الدِّين فيبدأ الَّذي دونه، وهذا الثَّاني أظهرُ كما لا نظر إلى مَن يكون أعلاهما قدرًا من جهة الدُّنيا إلَّا أن يكون سلطانًا يخشى منه (وَ) يسلِّم (القَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ) لفضلِ الجماعة، كما مرَّ.

وهذا التَّعليق وصله البخاريُّ في «الأدب المفرد» وأبو نُعيمٍ والبيهقيُّ، وقول الكِرمانيِّ: عبر البخاريُّ بقوله: وقال إبراهيم؛ لأنَّه (٦) سمعَ منه في مقامِ المذاكرة؛ ردَّه الحافظُ ابن حجرٍ:


(١) في (د): «يستشفي».
(٢) «حق»: ليست في (ع) و (ص) و (د)، وكذا في «الفتح».
(٣) في (ب) و (س): «بتسليم».
(٤) في (د): «فإذا».
(٥) في (د): «أم».
(٦) في (د): «أنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>