للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سيِّدكم» علَّة للقيام له، وليس ذلك إلَّا لكونه شريفًا كريمًا عليَّ القدرِ. انتهى.

نعم، في «مسند أحمد»: عن عائشة، من طريق علقمة بن وقَّاصٍ، عنها في قصَّة غزوة بني قُريظة، وقصَّة سعد بن معاذٍ: فلمَّا طلع، قال النَّبيُّ : «قُومُوا إلَى سيِّدِكُم فأنزِلُوهُ» وسنده حسنٌ، وهذه الزِّيادة تخدش في الاستدلال بقصَّة سعدٍ على مشروعيَّة القيام المتنازعِ فيه، وقد منع قومٌ القيام تمسُّكًا بحديث أبي أمامة: خرج علينا النَّبيُّ متوكِّئًا (١) على عصا فقمنَا له (٢) فقال: «لَا تقُومُوا كمَا تقُومُ الأعاجِمُ بعضُهُم لبعضٍ» وأُجيب بضعفهِ واضطرابِ سنده، وفيه مَن لا يُعرف. وفي حديث عبد الله بن بُريدة، عن معاوية -عند الحاكم-: «ما من رجلٍ يكون على النَّاس يقومُ على رأسه الرِّجال يحبُّ أن تكثرَ عنده الخصومُ فيدخلُ الجنَّة». وعند أبي داود عن معاويةَ سمعتُ رسولَ الله يقول: «مَن أحبَّ أن يتمثَّلَ له الرِّجالُ قيامًا فليتبَوَّأَ مقعدَهُ منَ النَّارِ»، وسئل مالكٌ عن المرأةِ تبالغُ في إكرامِ زوجها، فتتلقَّاه، وتنزعُ ثيابهُ، وتقفُ حتَّى يجلس، فقال: أمَّا التَّلقِّي فلا بأسَ به، وأمَّا القيام حتَّى يجلسَ فلا، فإنَّ هذا فعلُ الجبابرةِ.

وأجاب الخطَّابيُّ عن قوله: «مَن أحبَّ أن يُقام له»، أي: بأن يُلزمهم بالقيام له صفوفًا على طريق الكبرِ. وقال غيره: إنَّ المنهيَّ عنه أن يُقام عليه وهو جالسٌ. وعُورض بأنَّ سياق حديثِ معاوية على خلاف ذلك، وإنَّما يدلُّ على أنَّه كره القيامَ له لمَّا خرج تعظيمًا له، وبأنَّ هذا لا يُقال له: القيام للرَّجل، وإنَّما هو القيامُ على رأس الرَّجل، أو عند الرَّجل. انتهى.

وفي حديث أنسٍ عند الطَّبرانيِّ قال: «إنَّما هلكَ مَن كانَ قبلَكُم، فإنَّهم عظَّموا مُلُوكهم بأنْ قاموا وهم قعودٌ»، وعن أبي الوليد بن رشدٍ (٣) إنَّ القيامَ يكون على أربعة أوجهٍ: محظورٌ لمن يريدُ أن يُقام له تكبُّرًا وتعظيمًا على القائمين له. ومكروهٌ لمن لا يتكبَّر ولا يتعاظم ولكن يخشى أن يدخلَ نفسه بسبب ذلك ما يحذرُ (٤)، ولِمَا فيه من التَّشبُّه بالجبابرة، وجائزٌ على


(١) في (د) و (ع): «يتوكأ».
(٢) في (د) و (ص): «إليه».
(٣) في (ب): «راشد».
(٤) في (ل): «محظور».

<<  <  ج: ص:  >  >>