للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتشابهاتِ، وحظُّ السَّلف من (١) الرَّاسخين في العلم أن يقولوا: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧] ونقله البيهقيُّ وغيره عن الأئمَّة الأربعة، والسُّفيانَيين والحمَّادَين والأوزاعيِّ واللَّيث، ومنهم من أوَّل على وجهٍ يليقُ، مستعملٌ في كلامِ العرب، ومنهم مَن أفرطَ في التَّأويل حتَّى كادَ أن يخرجَ إلى نوعٍ من التَّحريف، ومنهم من فصَّل بين ما يكون تأويله قريبًا مستعملًا في كلام العرب، وبين (٢) ما يكون بعيدًا مهجورًا، فأوَّل في بعضٍ وفوَّض في آخرَ، ونقل هذا عن مالكٍ. قال البيهقيُّ: وأسلمها الإيمانُ بلا كيفٍ، والسُّكوت عن المراد إلَّا أن يردَ (٣) ذلك عن الصَّادق فيصار إليه، ونُقل عن مالكٍ أنَّه أوَّل النُّزول هنا بنزولِ رحمته تعالى وأمره، أو ملائكته، كما يقال: فعل المَلِك كذا، أي (٤): أتباعُه بأمرهِ، ومنهم مَن أوَّله على الاستعارة، والمعنى: الإقبال على الدَّاعي باللُّطف والإجابة. وقد سبق «في التَّهجُّد» من أواخر «كتاب الصَّلاة» مباحثه (٥) [خ¦١١٤٥] ويأتي -إن شاء الله تعالى- بعون الله غير ذلك في «كتاب التَّوحيد» [خ¦٧٤٩٤] وقال البيضاويُّ: لمَّا ثبت بالقواطعِ أنَّه سبحانه منزَّهٌ عن الجسميَّة والتَّحيُّز امتنعَ عليه النُّزول على مَعنى الانتقالِ من موضعٍ إلى موضعٍ أخفض منه، فالمراد: دنوُّ رحمته، أي: ينتقلُ من مقتضَى صفةِ الجلال الَّتي تقتضِي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفةِ الإكرام الَّتي تقتضِي الرَّحمة والرَّأفة.

(حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ) بكسر المعجمة، والرَّفع صفة لـ «ثلث» لأنَّه وقت خلوةٍ ومناجاةٍ وتضرُّعٍ، وخلوِّ النَّفس من خواطر الدُّنيا وشواغلها.

وساق المؤلِّف التَّرجمة بلفظ «نصف اللَّيل» والحديث مصرِّحٌ (٦) أنَّ التَّنزُّل ثلث اللَّيل، فيُحتمل أنَّه جرى على عادتهِ بالإشارةِ إلى حديثِ أحمد عن أبي سلمة (٧) عن أبي هريرة بلفظ: «ينزلُ الله إلى سماءِ الدُّنيا نصفَ اللَّيل الآخِر -أو: ثلث اللَّيل الآخر-»، وأخرجه الدَّارقطنيُّ عن الأغرِّ عن أبي هريرة بلفظ «شطر اللَّيل» من غير تردُّدٍ، وقد اختلفت الرِّوايات في تعيين الوقت


(١) «من»: ليست في (ع) و (د).
(٢) «بين»: ليست في (س).
(٣) في (ع): «يكون».
(٤) في (د): «أي كذا».
(٥) في (ع) و (ص) و (د): «مباحث».
(٦) «مصرح»: ليست في (ع) و (ص) و (د).
(٧) قوله: «عن أبي سلمة»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>