للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُستجاب، من الاستجابةِ بمعنى الإجابة.

قال الشَّاعر:

فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ

وقوله: «لأحدكم» (١) أي: يجابُ دعاءُ كلِّ واحدٍ منكم؛ إذ المفرد (٢) المضافُ يُفيد العمومَ (٣) على الأصحِّ.

(يَقُولُ) بيان لقوله: «ما لم يعجَلْ» ولأبي ذرٍّ -ممَّا (٤) في «الفتح» - «فيقولَ» بالفاء والنَّصب: (دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي) بضم التحتية وفتح الجيم، وفي روايةِ أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي هريرة عند مسلمٍ والتِّرمذيِّ: «لا يزالُ يستجابُ للعبدِ ما لم يدعُ بإثمٍ، أو قطيعةِ رحمٍ، وما لم يستعجل، قيل: وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجاب لي، فيستحسرُ عند ذلك ويَدَعُ الدُّعاءَ»، وقوله: «فيستحسر (٥)»، بمهملاتٍ استفعالٌ من حسر، إذا أعيا وتعبَ، وتكرارُ «دعوتُ» للاستمرار، أي: دعوتُ مرارًا كثيرةً.

قال المظهريُّ: مَن كان له ملالةٌ من الدُّعاء لا يُقبَل دعاؤه؛ لأنَّ الدُّعاء عبادةٌ حصلت الإجابة أو لم تحصلْ، فلا ينبغِي للمؤمن أن يملَّ من العبادةِ، وتأخيرُ الإجابةِ إمَّا أنَّه لم يأتِ وقتها فإنَّ لكلِّ شيءٍ وقتًا، وإمَّا لأنَّه لم يقدَّرْ في الأزل قَبول دعائه في الدُّنيا؛ ليُعطى عوضه في الآخرة، وإمَّا أن يؤخَّر القَبول ليلحَّ ويبالغ في ذلك، فإنَّ الله تعالى يحبُّ الإلحاح في الدُّعاء مع ما في ذلك من الانقيادِ والاستسلام وإظهار الافتقار، ومَن يكثر قرع الباب يوشك أن يُفتح له، ومن يُكثر الدُّعاء يوشكُ أن يُستجاب له.

وللدُّعاء آدابٌ منها: تقديمُ الوضوء، والصَّلاة، والتَّوبة، والإخلاص، واستقبال القبلة، وافتتاحُه (٦) بالحمد والثَّناء، والصَّلاة على النَّبيِّ ، وأن يختتم الدعاء بالطَّابع وهو:


(١) في (ص): «أحدكم».
(٢) في (ص): «اسم المفرد».
(٣) في (ص): «للعموم».
(٤) في (د): «كما».
(٥) في (ص) و (ع) و (د): «يستحسر».
(٦) في (د): «واستفتاحه».

<<  <  ج: ص:  >  >>